للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الخامسة بعد المئة]

فيها قطع مسلم بن سعيد والي خُراسان النهر إلى التُّرك، وأوغلَ في البلاد حتى وصل أفْشِينَة -مدينة من مدائن الصُّغد (١) - فصالحَه ملكُها على مال وستة آلاف رأس، وعاد ليقطع النهر، فتبعه نفر من التُّرك، فلم يظفروا منه بطائل.

وفيها غزا الجرَّاح بنُ عبد الله الحَكَمي -وكان على أرمينية وأذربيجان- فأوغلَ في بلاد اللَّان، وجاوز بَلَنْجَر (٢)، ففتح حصونًا كثيرة، وأصاب غنائم عظيمة.

وفيها غزا سعيد بنُ عبد الملك بنِ مروان بلادَ الروم، فقتلَ وسبى، وبعث سرية في ألف فارس، وأوغلُوا في بلد الروم، واشتغلوا بالنهب، ولم يحفظوا المضائق، ولم يَدَعُوا عليها رجالًا، فلما عادوا إلى الدَّرْب وجدوا العدوّ قد أخذ عليهم [المضيق]، فيقال: إنهم قد أُصيبوا جميعًا (٣).

وفيها توفي يزيد بن عبد الملك، ووَليَ أخوه هشام.

الباب العاشر في ولاية هشام بن عبد الملك بن مروان (٤)

ومولدُه سنة اثنتين وسبعين بدمشق في العام الذي قُتل فيه مصعب، وكنيتُه أبو الوليد، وهو من الطبقة الرابعة من أهل الشام.

وأمُّه عائشة بنت هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي.

وقيل: اسمها فاطمة، وقيل: مريم (٥)، وكنيتها أمُّ هشام.


(١) الصُّغْد -أو السُّغْد- ناحية كبيرة فيها قرى كثيرة بين بُخارى وسمرقند، وقصبتها (أي: مدينتها) سمرقند (وتردَّد ذكرها فيما سلف). وأفْشِينة: موضع وراء نهر الصُّغْد، كما في "الروض المعطار" ٣٢٢، وسماها ياقوت الحموي في "معجم البلدان" ١/ ٢٣١ أفْشِنَة، وينظر فيه أيضًا ٣/ ٢٢٢.
(٢) اللَّان: بلاد واسعة في طرف أرمينية، وبَلَنْجَر: مدينة ببلاد الخَزَر (بلاد الترك) خلف باب الأبواب (مدينة على بحر قزوين). ينظر "معجم البلدان" ١/ ٤٨٩ و ٢/ ٣٦٧ و ٥/ ٨ - ٩.
(٣) ينظر "تاريخ" الطبري ٧/ ٢١، و"المنتظم" ٧/ ٩٦. وما سلف بين حاصرتين من (ص).
(٤) في (ص): فصل في ولاية هشام.
(٥) بعدها في (خ) (والكلام منها): وقيل رهب (؟) وينظر "أنساب الأشراف" ٧/ ٣١٠.