وقَصَّ الله قصة الفيل على رسول الله ﷺ، فقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (١)﴾ السورة، واتَّفق أهلُ السِّيَر على أن أوّلَ يوم من المُحرَّم عام الفيل كان يوم الجمعة، وأن أبرهة وصل إلى مكّة يومَ الأحد سابع عشر مُحرَّم، وفيه هَلَك.
[فصل في قصة عبد الله بن الثامر]
قال الإمام أحمد بن حنبل ﵁: حدّثنا عفَّان بن مُسلم، حدّثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "كان مَلِكٌ فيمن كان قبلكم، وكان له ساحر، فمرض الساحر، فقال للملك: إنِّي قد كَبِرت، وحضر أَجلي، فادفع إليَّ غلاماً أعلِّمُه السِّحْر، فدفع إليه غُلاماً، فكان يَختلفُ إليه، وكان في طريقه راهبٌ، فمرَّ به الغلامُ، فأعجبه كلامُه، فكان يُطيلُ القُعودَ عنده، فإذا أتى أهلَه ضربوه، وكان إذا أتى الساحر ضربه، فشكا ذلك إلى الرّاهب، فقال: يا بني، إذا استبطأَك الساحر فقل: حَبَسني أهلي، وإذا استبطأك أهلُك، فقل: حبسني الساحر.
فمرَّ ذات يوم بدابّةٍ قد حبسَت النَّاس، وكانت فظيعةً، فقال: اليوم أعلمُ أمرَ الراهب والساحر، الرّاهبُ أفضل أم السَّاحر؟ فأخذ حجراً وقال: اللَّهم إن كان أمرُ الراهب أحبَّ إليك من أمر الساحرِ، فاقتل هذه الدابة، فرماها، فقتلها، ومضى النَّاسُ، وأخبر بذلك الراهب، فقال له: يا بنيَّ، إنك ستُبتلى، فإن ابتُليت فاصبر، وفي روايةٍ: يا بني، أنت اليوم أفضلُ منّي، وقد بلغ من أمرك ما أرى، فإنَّك ستُبتلى، فإن ابتُليتَ، فلا تدلَّ عليّ.
وكان الغُلام يبرئ الأكمه والأبرص، ويُداوي النَّاس، فبينا هو على ذلك إذ عَمِي جليسُ الملك، فأتاه بمالٍ عظيم، وقال: اشفني، ولك هذا، ولك ما ها هنا، فقال: إنِّي لا أشفي أحدًا، ولكنّ الله هو الشَّافي، فإن آمنت به دعوتُه فشفاك، فآمن بالله، فدعا له الله فشفاه.