ابن نُصَير بن ميسرة، أبو الوليد السلميّ، راوية الوليد بن مُسْلِم، وخطيب دمشق، وقارئ أهلها ومفتيهم.
ولد سنة ثلاثٍ وخمسين ومئة، وهو أحدُ المكثرين الثقات الذين انتشرَ حديثُهم في الدنيا.
رحلَ إلى البلاد ولقيَ الشيوخ، وسمعَ فأكثر، وقال: باع أبي دارًا بعشرين دينارًا، وجهَّزني إلى الحجّ؛ لأسمعَ من مالك، فلما دخلتُ المدينةَ أتيتُ مجلسه، فرأيتُه في هيبةِ الملوك، وهو جالسٌ، والغلمانُ وقوفٌ بين يديه، والناسُ يسألونَه وهو يجيبهم، ومعي مسائل فقلت له: يا أبا عبد الله، ما تقول في كذا وكذا؟ فنظر إليَّ وقال: حصلنا على الصبيان! وأشار إلى غلامٍ، فحملني وضربني بدِرَّةٍ مثل درَّةِ المعلِّمين سبع عشرة دِرَّةٌ، فبكيتُ، فقال: ما يبكيك؟ أَوْجَعَتك هذه؟ قلت: باع أبي دارًا بعشرين دينارًا، وبعثَ بي إليك لأتشرَّفَ بالسماع منك فضربتَني! فقلت: من أنت؟ قلت: هشام بن عمار الدمشقي، فقال: اقعد، فقعدتُ، فحدَّثني سبعةَ عشر حديثًا، وأجابني عن المسائل.
قرأ هشام القرآنَ على أيوب بن تميم وغيره، وكان إذا مَشى يُطْرِقُ برأسه ولا يرفعه إلى السماء حياءً من الله تعالى، وكان يغيِّرُ شيبَه اتِّباعًا للسنة.
وكان يقول: الخلفاءُ خمسة؛ الأربعةُ وعمر بن عبد العزيز.
وكان يقول في خطبته: قولُوا الحقَّ ينزلكمُ الحق منازلَ أهل الحق يوم لا يقضى فيه [إلا بالحقِّ](١).
مات هشام في المحرَّم هذه السنة بدمشق -وقيل: في سنة أربع وأربعين- وهو ابن اثنتين وتسعين سنة.
أسند عن الوليد بن مسلم، ومالك بن أنس، وابن عيينة وغيرهم، ورَوى عنه الوليد
(١) ما بين حاصرتين من مختصر تاريخ دمشق ٢٧/ ١٠٧، وتهذيب الكمال ٣٠/ ٢٥٢، وسير أعلام النبلاء ١١/ ٤٢٩، ٤٣٣.