للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسامراء يأمرهم بنقض بيعة المعتزّ والوفاء للمستعين بما بايعوه عليه، فلما رأى ذلك أمر بكسرِ القناطر والجسور وبثق المياه حول البلد فِي طريقهم.

وكتب كلُّ واحدٍ من المستعينِ والمعتز كتابًا إلى موسى بن بغا -وكان مقيمًا بأطراف الشام قد انفصلَ عن حمص ومحاربة أهلها (١) - يأمره بأن يصير إليه، ويَعِدُهُ الولايات والإقطاعات، فمال إلى المعتز، وقدمَ عليه بسرَّ من رأى، ثمَّ قدم عبد الله بن بغا الصغير على أبيه ببغداد، واعتذر إليه من تأخُّره عنه، واحتجَّ بحجَّةٍ، فقبلَ ذلك منه أبوه، وأقام أيَّامًا، ثم عاد إلى سرَّ من رأى مخالفًا لأبيه، وقال للمعتز: إنما صرتُ إلى بغداد لأعرفَ أخبارهم، فصدَّقَه المعتزّ، وأحسن إليه.

وقدم الحسنُ بن الأفشين بغداد على المستعين، فسر إليه (٢)، وضمَّ إليه من الأشروسنة وغيرهم، وقدمَ أيضًا أسد بن داود سياه، وجماعةٌ من القوَّاد على المستعين، وجهز المستعين العساكر إلى بغداد.

[ذكر تجهيز المعتز العساكر إلى قتال المستعين]

لما كان يوم السبت لسبعٍ بقين من المحرَّم عقد المعتز لأخيه أبي أحمد بن المتوكل على حرب [ابن] (٣) طاهر والمستعين، وجهَّزه فِي جيشٍ كثيف، وجعل التدبير إلى كلباتكين التركي، فعسكرَ بالقاطول فِي خمسة آلاف من الأتراك والفراغنة، وألفين من المغاربة، ومقدَّمهم محمدُ بن راشد المغربيّ، فنزلوا عُكْبَرَا ليلة الجمعة لليلةٍ بقيت من المحرَّم، وصلى بها أبو أحمد الجمعة، ودعا للمعتزِّ بالخلافة، وكتب إليه بالفتح، وهربَ الناس منهم ما بين بغداد وعُكْبَرَا وسائر القرى من الجانب الغربيّ؛ خوفًا على أنفسهم، وتركوا الضياع والغلَّات والأمتعة، فنهبت، وهدمتِ المنازل، وقطعت الطرق.

وهرب جماعةٌ من أصحاب بغا الشرابيّ إليهم، فأكرمَهم أبو أحمد، وجاء أبو أحمد بعسكرِه فنزل بباب الشمَّاسيَّة، وذلك فِي ليلة [الأحد] (٤) لسبعٍ خلونَ من صفر.


(١) كذا فِي (خ) و (ف). وفي تاريخ الطبري ٩/ ٢٨٩: وكان خرج إلى حمص لحرب أهلها.
(٢) فِي تاريخ الطبري ٩/ ٢٩٠، والكامل ٧/ ١٤٥، والمنتظم ١٢/ ٤٤: فخلع عليه.
(٣) ما بين حاصرتين من تاريخ الطبري ٩/ ٢٩٠.
(٤) ما بين حاصرتين من تاريخ الطبري ٩/ ٢٩١.