للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولثلاث عشرة خلت منه جاء لابن طاهر جاسوس، فأخبره أنَّ أبا أحمد يريدُ أن يحرق ظلال الأسواق من جانبي بغداد، فأمر بها فكُشِطَتْ.

وقيل: إنهم جَدُّوا فِي القتال من باب الشمَّاسيَّة إلى سوق الثلاثاء، ومن قنطرة الحربية إلى الصراة، ثم تأخروا إلى القُفص. والأصحُّ أنهم أقاموا من غير قتالٍ إلَّا مناوشات، ثم جدُّوا فِي القتال من منتصف صفر، فقُتِل من الفريقين فِي ذلك اليوم أربع مئة، من كلِّ فريق مئتان، وكثُرت الجراحات فيهم، وكانت الغوغاء تقاتلُ أعظمَ من الجند بالمجانيق والمقاليع، والمعتزُّ يردفُهم بالعساكر والأموال.

ولمَّا كان فِي اليوم السادس عشر من صفر -وقيل: يوم الأربعاء لليلةٍ بقيت منه- وجَّه محمدُ بن طاهر عسكرًا إلى باب القطيعة، وجعل كمينًا، وجاءَ أصحاب أبي أحمد وقُتِل منهم ألفان، وأخذ ما كان معهم من متاعٍ وأموالٍ ودوابّ وأسرى، وجُعلت رؤوسهم فِي الزواريق، وأُخِذت أعلامُهم وطبولهم، وغرقَ منهم ألفان (١)، وانهزمَ الباقون إلى سامرَّاء، وخلعَ ابن طاهر على المُقَدَّمين، وسوَّرهم، وطوَّقهم أطواق الذهب.

وفرحَ المستعين وأمر أن يكتب كتاب بالنصر وعدَّةِ القتلى، ويقرأ فِي نواحي بغداد، ودعا فيه لمحمد بن طاهر.

وهدم ابنُ طاهر ما كان بباب الشماسيَّة وراءَ السور من الدور والحوانيت، وقطع البساتين؛ ليتَّسع للخيل مجال (٢).

ولمَّا جرى على عسكر المعتزِّ ما جرى نهب العوامُّ أسواقَ سامرَّاء وحوانيتَها (٣).

وفي يوم الاثنين لستٍّ بقين من صفر قدم بغداد إسماعيلُ بن فراشة من ناحية همذان فِي ثلاث مئة فارس، وقدم معه رسولُ المعتزّ يأمرُه بالبيعة، فقيَّد ابنُ فراشة الرسول، وصحبَه إلى بغداد، وحملَه على بغلٍ بإكاف (٤)، فخلع ابنُ طاهر على ابن فراشة عدَّة خلع.


(١) كان عسكر الأتراك أربعة آلاف، قتل منهم ألفان، وغرق من غرق، وأسر منهم جماعة. انظر تاريخ الطبري ٩/ ٢٩٥ - ٢٩٦.
(٢) تاريخ الطبري ٩/ ٣٠٣.
(٣) تاريخ الطبري ٩/ ٣٠٥.
(٤) فِي تاريخ الطبري ٩/ ٣٠٦: بلا إكاف.