للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكفِّنوني فيهما؛ فإن الحي أحوجُ إلى الجديد من الميِّتِ، إنما هو للمُهْلِ والصديد والتُرابِ (١).

ذكر ما سُمع من أبي بكر عند وفاته: [كان آخر ما تكلم به أبو بكر:] ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ [يوسف: ١٠١] (٢)

ولما احتُضر قال: ما آسى على شيء من الدنيا، إلا على ثلاثٍ فعلتُهنَّ وَدِدت أني تركتُهن، وثلاثٍ وَددتُ أني لو فعلتهن، وثلاثٍ وَدِدتُ أني سألت رسول اللَّه عنهنّ.

أما الأوَّل: فوددت أني [لم] أكن كشَفْتُ بيتَ فاطمة عن شيء، وإن كانوا أغلقوه على حرب، ولم أكن حَرّقتُ الفُجاءةَ السُّلَمي، وحيث لم أقذف الأمر يوم السقيفة إلى أحد الرجلين -يعني: عمر وعبد الرحمن بن عوف- فكان أميرًا وكنت وزيرًا (٣).

وأما الثلاث الأخر: فوَدِدْتُ أني يوم أُتيتُ بالأشعث بن قيس أسيرًا في الردة كنتُ ضربتُ عُنقَه، فإنه لا يرى شرًا إلا أعانه، ووَدِدْتُ أني لما أرسلتُ خالدًا إلى الشام أني قذفتُ بعمر بن الخطاب المشرق، فكنتُ قد بَسطتُ يميني وشمالي في سبيل اللَّه، ووددت أني كنتُ في جيوش أهل الرّدة وأقمتُ بذي القَصَّة رِدْءًا للمسلمين.

وأما الثلاث الأول: فوَدِدْتُ أني سألت رسول اللَّه عن ميراث العمَّة وبنت الأخ، فإن في نفسي منهما شيء، ووَدِدْتُ أني سألتُه عن هذا الأمر فيمن هو، فلا يُنازَع أهلُه، ووددت أني سألته هل للأنصار فيه نصيبٌ، فنعطيهم إياه (٤).

وقال الواقدي: تُوفي أبو بكر ليلةَ الثلاثاء، ما بين المغرب والعشاء، لثماني ليالٍ بَقين من جُمادى الآخرة (٥).

وقال ابن قتيبة (٦): توفي يوم الجمعة، وقيل ليلة الجمعة، والأول أصحّ.


(١) طبقات ابن سعد ٣/ ٢٠٥ - ٢٠٦.
(٢) أنساب الأشراف ٥/ ١٥٥.
(٣) في تاريخ الطبري ٣/ ٤٣٠، وتاريخ دمشق ٣٥/ ٥٤٢ - ٥٤٩: ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت لأمر في عنق أحد الرجلين يريد عمر وأبا عبيدة، فكان أحدهما أميرًا، وكنت وزيرًا.

(٤) من قوله: ذكر ما سمع من أبي بكر عند وفاته، إلى هنا ليس في (ك).
(٥) أخرجه ابن سعد ٣/ ٢٠١ - ٢٠٢، والطبري ٣/ ٤١٩ - ٤٢٠.
(٦) المعارف ١٧١.