للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل]

ثم ملك بعده ولدُه هرمز، وكان عادلاً حسن السيرة، وكان في جرايته وراتبه ثلاثة عشر ألفاً، وأمه فاقم بنت خاقان، فالترك أخواله.

ثم أساء السيرة وظلم، فقصده الأعداءُ من كل مكان، فسار إليه شابة ملك الترك في أربع مئة ألف لإحدى عشرة سنة مضت من مُلكه، ووصل إلى هَرَاة، وقصده ملك الروم في مئة ألف، فوصل إلى الضواحي (١)، وقصده ملك الخزر في ست مئة ألف، فوصل إلى باب الأبواب.

فأرسل هرمز بهرام جوبين (٢) مَرْزُبان الرَّي في اثني عشر ألف سرية، فكان يسري ليلاً وَيكمُن نهاراً، فبيَّت ملك الترك ولم يشعر به فرماه بهرام بسهم فقتله، وكان ذلك في السنة السابعة عشرة من مولد النبي ، واستولى على خزائنه وعساكره وذخائره.

وبعث بهرام إلى هرمز من الأموال والأمتعة والجواهر وِقْر مئتي [ألف وخمسين ألف] بعير (٣)، فاستكثر ذلك هرمز، فقال له وزيره وكان يحسد بهرام: ما أوصل إليك من الشاة إلا أذنها. فغضب هرمز، وأنفذ إلى بهرام حِمل جَملٍ مغازل، فقال بهرام للعساكر: قد جَعلَنا مثل النساء، فما تَرون؟ قالوا: نخلعه ونقاتله.

وسار بهرام بالعساكر نحو المدائن، فاتَّفق عظماء المملكة على خلع هرمز لسوء سيرته وقبح تدبيره، فقال عظماء المملكة: نخلعه ونُولّي ابنه أبرويز. وعلم هرمز فبعث إلى ابنه أبرويز مَن يغتاله ويقتله، فهرب أبرويز إلى أَذْرَبيجان.

وكان هرمز قد أفنى خواصّه وأربابَ دولته بالقتل، فيقال: إنه قتل ثلاثة عشر ألفاً، فانخرمت عليه قواعد الملك، وكان قد أزال أحكام الموابذة، وغيّر الأحكام، وأزال الرسوم، واستخف با لعلماء.

فكتب بهرامُ اسم أبرويز بن هرمز على الدراهم والدنانير، ودسها مع التجار،


(١) في (ب) و (ك): الصوافي، والمثبت من تاريخ الطبري ٢/ ١٧٤، والمنتظم ٢/ ٣٠٢.
(٢) في (ب) و (ك): جوين، والمثبت من تاريخ الطبري، ومروج الذهب ٢/ ٢١٣، والتنبجه والإشراف ص ١٠٥، وتجارب الأمم ١/ ١١٦.
(٣) ما بين معكوفين من تاريخ الطبري ٢/ ١٧٥، وتجارب الأمم ١/ ١١٧، والمنتظم ٢/ ٣٠٢.