قال وهب: أنزل الله على آدم ﵇ تابوتًا فيه صورة الأنبياء، أولهم آدم وآخرهم محمد ﷺ، وفيه بيوت بعددهم وهي مختلفة الألوان، فبيت محمد ﷺ من ياقوتة حمراء. وكان التابوت نحوًا من ثلاثة أذرع في ذراعين من عود الشِّمشَار الذي تتخذ منه الأمشاط، وكان مذهَّبًا. ومات آدم ﵇ فورثه شيث، وتوارثه بنو آدم صاغرًا عن كابر إلى إسماعيل بن إبراهيم، فورثه قيدار لأنه كان أكبر ولده، فنازعه ولد إسحاق فيه وقالوا: قد صُرِفَتِ النبوَّة عنكم يا بني إسماعيل إلينا، ولم يبق لكم غير هذا النور الواحد يعنون به نور محمد ﷺ، ولا يظهر إلى آخر الزمان، فادفع إلينا التابوت يكون عندنا، فامتنع عليهم قيدار وقال: هذا وصية أبي لا أعطيه أحدًا من العالمين، فذهب ذات يوم يعالجه ليفتحه وكان مقفلًا فلم يقدر على فتحه، فناداه منادٍ من السماء: يا قَيدار، ليس لك على فتحه سبيل، إنه وصية نبي ولا يفتحه إلا نبي، فادفعه إلى ابن عمك يعقوب إسرائيل الله. فحمل قَيدار التابوت على عنقه إلى الشام يريد يعقوب في أرض كنعان، فلما قرب منه صَرَّ التابوتُ صَرَةً سمعها يعقوب، فقال لبنيه: أقسم بالله لقد جاء قَيدار بالتابوت فقوموا إليه، فقاموا جميعًا ويعقوب معهم. وكان قَيدار قد جاء من مكَّة لأنه كان يسكنها، فلما التقيا قال له يعقوب: أُبَشِّرُكَ، قال: بماذا؟ قال: ولدت لك البارحة الغاضرة غلامًا، قال: وما علمك وهي بالحرم وأنت بالشام؟ فقال: رأيت أبوابَ السماء قد فتحت، والملائكة قد نزلت، ونور محمد ﷺ قد أشرق. فسلَّم إليه التابوتَ وعاد إلى مكة، فوجد امرأته قد ولدت غلامًا فسمَّاه: حملًا، وفيه نور محمد ﷺ.
وأقام التابوت عند أولاد يعقوب يتوارثونه إلى أيام موسى، فأخذه فجعل فيه فتات ألواح التوراة ومتاعًا من متاعه وعصاه ونعليه وعمامة هارون ولوحين من التوراة، وكانا من الياقوت الأحمر، فكانوا يتوارثونه إلى أن غلبت عليه العمالقة، وبعث الله إشموئيل فقال لهم: ﴿إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ﴾ أي: بالتابوت ﴿فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ (١).