الصحابة: حُذيفة بنُ اليَمان، وعبد اللَّه بنُ عمر، وجرير بن عبد اللَّه، والمغيرة بنُ شُعبة، وعبد اللَّه بنُ الزبير، وقيس بن المَكشوح، وطُليحة بن خُوَيْلد، وعمرو بن مَعدي كَرب وغيرهم.
حديثُ الوَقْعَة
قال علماءُ السير: سار النعمانُ بن مُقَرِّن بالناسِ على راياتهم، وكان مَسيرُ النعمان بأمر عمر بن الخطاب، وجعل يَقفُ على رايةٍ رايةٍ، فيحمَد اللَّه ويُثني عليه ويقول: قد علمتُم ما أعزَّكم اللَّه به من هذا الدِّين، وما وَعدكم به من الظُّهور، وقد أنْجَزَ لكم هَوادِيَ ما وَعدكم، وإنَّما بقيتْ أعجازُه وأَكارِعُه، واللَّهُ مُنجِزٌ وَعدَه، ولا يَكونُنَّ على دُنياهم أَحمى منكم (١) على دينكم؛ فإنكم تَنتظرون إحدى الحُسنيَيْن: إمّا الشهادةُ، وإمّا الفتحُ القريبُ، فاستعِدُّوا فإنِّي مُكبِّرٌ ثلاثًا، فإذا كبَّرْتُ الأولى فتهيّؤوا، وإذا كبَّرتُ الثانية فتأهَّبوا، وإذا كبَّرْتُ الثالثة فاحمِلوا.
فأقاموا ثلاثًا يقتتلون قتالا شديدًا، وكَثُرتِ الجراحاتُ بين الفريقين والقتلى، وباتَ المسلمون في ليلةٍ قَرَّةٍ، يُداوون جِراحاتهم، ويوقدون النّيران، وبات الكفار يَشربون الخمور، ويضربون بالطبولِ والمعازفِ.
وكان أهلُ نَهاوَنْد قد طرحوا حول البلد حَسَكَ الحديد، وبعث النعمان عُيونًا، فساروا لا يَعلمون بالحَسَكِ، فوَطئت دوابُّهم عليه، فعادوا وأخبروا النعمان، فرحل فنزل ناحيةً، فلما كان يوم الجمعة ركب النعمان فرسًا أَشهبَ، وعليه قَباءٌ أبيضُ، وعِمامةٌ بيضاء، وكان رجلًا آدمَ قصيرًا، وخطب فقال: أيها النَّاسُ، إنكم اليومَ بابُ العربِ، فإن كُسِرَ البابُ اليوم دخل على المسلمين أمرٌ عظيم، فقالوا: نحنُ عند أمرِك، فمُرنا بما شئتَ، فقال: إني أُحت القتالَ إذا زالت الشمسُ وهبَّتِ الرّياحُ، فلما زالت صلى بالناسِ صلاةَ الخوفِ، وهزَّ الرايةَ ثلاثًا، وكبَّر ثلاثًا، وحمل وحمل المسلمون.
وكان قد كتَّب الكتائبَ، وكان في مُقَدِّمتهِ ساريةُ بنُ زُنَيم أميرًا على كُرْدوس، قد استبطن الوادي، وقد كَمن له جمعٌ من الفُرس، وحمل النعمانُ والناسُ معه قد كسروا
(١) في (أ) و (خ): فلا يكونن على دنياكم أحنّ منكم، والمثبت من الطبري ٤/ ١٣١، وانظر المنتظم ٤/ ٢٧١.