للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها صَلَبَ المعظَّم ابنَ الكعكي ورفيقًا له منكَّسين على رؤوسهما، وكان ابنُ الكعكي رأسَ حزب وخَلْفه جماعةٌ، كانوا ينزلون على النَّاس في البساتين، ويقتلون وينهبون، والمعظَّم في الكَرَك، وبلغه أَنَّ ابنَ الكعكي قال للصَّالح إسماعيل وكان ببُصْرى: أنا آخذ لك دمشق. فَكَتَبَ المعظَّم إلى والي دمشق بأن يصلب ابن الكعكي ورفيقه منكَّسين، فصلبهما في العَشْر الأواخر من رمضان، فأقاما أيامًا لا يتجاسر أحدٌ أن يُطْعمهما ولا يسقيهما، فماتا، وكان رفيقُ ابنِ الكعكي رجلًا خيّاطًا، شهد له أهلُ دمشق بالصَّلاح والبراءة مما كان فيه ابن الكعكي، وقدم المعظم دمشق بعدما ماتا، فمرض مرضًا عظيمًا أشفى منه، ثم أَبَلَّ، ولم يزل ينتفض عليه حتَّى مات.

وحجَّ بالنّاس من العراق ابنُ أبي فراس، ومن الشَّام علي بن السَّلَّار.

وفيها تُوفِّي

الإِمام النَّاصر لدين الله (١)

أبو العَبَّاس أَحْمد بن الإِمام المستضيء بالله.

قد ذكرنا سيرته مفرَّقة في السنين، وأَنَّه ولد عاشر رجب سنة ثلاثٍ وخمسين وخمس مئة، وبويع بالخِلافة غُرَّة ذي القَعْدة سنة خمس وسبعين، وكانت وفاته ليلة الأحد سَلْخ رمضان عن تسع وستين سنة، وكانت خلافته سبعًا وأربعين سنة إلَّا شهرًا وأيامًا، ولم يبلغ أحدٌ من بني أمية ولا من بني العَبَّاس هذا العدد إلا المستنصر من المِصْريين [فإنه] (٢) ولي ستين سنة، ومن الملوك سنجر، وكان للنَّاصر خادم اسمه رشيق قد استولى على الخلافة، وأقام مُدَّة يوقع عن الخليفة، وكان [قد] (٢) قَلَّ بصره وقيل: ذَهَبَ [مرة] (٢)، وكانت به أمراضٌ مختلفة، منها عسر البول والحصى، ولقي منه شِدَّة، وشَقَّ ذَكَرَه مرارًا، وما زال يعتريه حتَّى قتله، وغَسَّله [خالي] (٢) أبو محمَّد يوسف بن الجوزي، وكان قد عَمِلَ له ضريحًا عند موسى بن جعفر، فأمر الظَّاهر بحمله إلى


(١) له ترجمة في "الكامل": ١٢/ ٤٣٨ - ٤٤٠، و"المذيل على الروضتين": ١/ ٣٧٩ - ٣٨٠، وفيه تتمة مصادر ترجمته.
(٢) ما بين حاصرتين من (ش).