للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الثامنة والثمانون وأربع مئة]

قد (١) ذكرنا مسير تُتُش إِلَى هَمَذان، وكان بعث ولده فخر الملوك رضوان يطلبه بعساكر الشَّام، فسار ومعه الأمير (٢) نجم الدين إيل غازي بن أُرتق، ووثَّاب بن محمود بن صالح، وجماعةٌ من أمراء العرب، فنزلوا على الرحبة، وبعث تاج الدولة تُتُش يوسف بن آبق (٣) التركماني إِلَى بغداد فِي صفر لإقامة الدعوة [له] (٤) فلم يلتفت إليه. وقيل: أُخرِجَ إليه حاجبٌ من الديوان، فلمَّا لقيه ضربه يوسف ونزل بدار المملكة، وكان فِي عزمه نهب بغداد، فاستعدَّ له الوزير، وأحضر صدقة بن منصور وكان نافرًا عن تُتُش، فبينا يوسف على عزم السوء جاءه أخوه فأخبره بقتل تاج الدولة تُتُش، فانهزم إِلَى حلب.

وفي ربيع الأول خُطِبَ لولي العهد أبي منصور الفضل بن المستظهر.

وفي ربيع الآخر خرج الوزير عميد الدولة فخطَّ السُّور على حريم دار الخلافة بأمر المستظهر، وهذا السور مذكورٌ فِي الملاحم، وأنه يسعى فِي بنائه رجلٌ أصفرُ من بني تغلب [يعني (٥)] عميدَ الدولةِ ابن جَهير، قال الشَّاعر: [من الطَّويل]

إذا طَلَع المرِّيخُ من أرض بَابِل … وقارَنَهُ النَّجمانِ فالهربَ الهربْ

ويبني على الزَّوراء أصفرُ تغلِبٍ … على الجانبِ الشَّرقي سورًا على شَغَبْ

ويبنيهِ غلمانٌ يُخالطهم نِسا … وفيهم رجالٌ بالمزاهرِ واللُّعَبْ

ولمَّا خطَّ الوزير السُّور تقدَّم بجباية المال الذي يحتاج إليه من عقارات النَّاس ودُورِهم، واجتمع أهلُ المحالِّ بالأعلام والبوقات والدَّبادب وأنواع الملاهي والزمور والخيالات، وجرى من المنكرات وإخراق الربعة ما لم تجْرِ به عادة، وساءت السمعة باجتماع الرجال والنساء والمخانيث واختلاطهم، فأنكر علي بن عقيل على الوزير، وكتب إليه كتابًا طويلًا من جملته: كان هذا الخرق الذي جرى بالشريعة عن عمدٍ لمناصبة واضعها، فما بالُنا نعتقد


(١) قبلها فِي (خ) زيادة كلمة: فيها.
(٢) بعدها فِي (خ) زيادة كلمة: ابن.
(٣) تحرف فِي الأصلين (خ) و (ب) إِلَى: أرتق، وقد تقدم - على الصواب - قريبًا.
(٤) ما بين حاصرتين من (ب) والمنتظم ١٧/ ١٥.
(٥) ما بين حاصرتين من (ب).