للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القرآن ورواية الأحاديث؟ وإذا نزلَتْ بنا نازلةٌ تقدمنا بجموع الختمات والأدعية عقيبها؟ وأين هذا من طبول وزمور مخانيث وخيالات وكشف عورات؟ ومعنى هذا أننا مستهزؤون بحكم الله لا نبالي به، فبأيِّ وجه نلقى محمدًا ؟ وأيُّ حرمةٍ تبقى لنا عند الله؟ ثم إنكَ يَا ابن جَهير تقيم الحدود فِي عتبة باب تأمر بلثم ترابه، ثم تمزج العوامَّ فِي المنكر المجمع على تحريمه. وذكر كلامًا طويلًا بمعناه، فلم يلتفت إليه، وجرت الأمور على ماهي عليه حتَّى استدار سور الحريم.

وفي رمضان جرحَ السلطانَ بركياروق إنسانٌ سِجْزيٌّ، فأخذ فأقرَّ على رجلين سِجْزيَّين أنهما أعطياه مئة دينار، فقُتِلَ الرَّجل، وأُخِذَ الرجلان فقُرِّرا، فطُرِحَ أحدُهما تحت أرجل الفِيَلَة، فقال: خلِّصوني حتَّى أُقِرَّ. فخلَّصوه، فقال لرفيقه: يَا أخي، لا بُدَّ من هذه القتلة فلا تفضح أهل سجستان بإفشاء سرِّهم. فقُتِلا.

وفي ذي القعدة خرج أبو حامد الغزالي من بغداد متوجهًا إِلَى البيت المقدس زاهدًا فِي التدريس بالنظامية، لابسًا خشن الثياب بعد ناعمها، وناب عنه أخوه أَحْمد فِي التدريس، وعاد فِي السنة الثالثة من خروجه منها، وقد صنف كتاب "الإحياء"، ثم حجَّ سنة تسعين وعاد إِلَى بلده.

وقال بعضهم: ولمَّا دخل بغداد قُوِّم ما عليه من الثياب والطوق فِي عنق بغلته بألف دينار، ثم عاد إِلَى بغداد وجميعُ ما عليه يساوي دينارًا، فنزل فِي رباط أبي سعيد الصوفي، واجتمع إليه خلقٌ كثير يسمعون عليه الأخبار.

وفيها اصطلح أهل السنة والشيعة ببغداد، ودخل أهل باب البصرة الكَرْخ، ودخل أهل الكَرْخ إليهم وعملوا الدعوات وتزاوروا، وجاء أهل باب الأزج المختارة، ودخل أهل المختارة إِلَى باب الأزج، وهذا من العجائب، ما جرى مثلُه ببغداد إلا نُوبة النسوي؛ بغضًا لولاية النسوي عليهم، أما فِي هذه النُّوبة فبغير سبب ظهر لكنها خطرات (١).


(١) هذه الأخبار بنحوها فِي المنتظم ١٧/ ١٥ - ١٨، والكامل ١٠/ ٢٥١ - ٢٥٢.