للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودخل عليه يحيى بنُ أكثم، فرأى مِشيتَه فأنكرها، فقال له يحيى: حدِّثْني، فقال: لا أحدِّث مَن يمشي هذه المِشية.

وبلغه أنَّ يحيى جلس بين يديه خصمان، فتربَّع أحدُهما، فأمر به أن يقامَ ويجلسَ جالسًا، فجاء إليه يحيى ليحدِّثَه، فقال له الخُرَيبي: [لو أنَّ رجلًا صلَّى متربعًا؟ قال: فقال له يحيى: لا بأسَ بذلك، فقال له عبدُ الله بن داود:] (١) فحالٌ يكون عليها بين يدي اللهِ لا يكرهها تَكرهها أنت! ثم ولَّاه ظهرَه. فقام يحيى وخرج.

وجاءه أبو العيناءِ محمدُ بن القاسم، فقال له الخُريبي: ما جاء بك؟ قال: فقلت له: طلبُ الحديث، فقال: اذهب فاحفظ القرآن، فقلت: قد حفظتُه، فقال: اِقرأ: ﴿وَاتْلُ عَلَيهِمْ نَبَأَ نُوحٍ﴾ [يونس: ٧١] فقرأتُها، فقال: اذهب فتعلَّم الفرائض، قلت: قد حفظتُها، فقال: أيُّما أقرب إليك ابنُ أخيك أو ابن عمِّك؟ قلت: ابنُ أخي؛ لأنَّ أخي من أبي، وعمِّي من جدِّي، قال: اذهب فتعلَّم العربية، فقلت: قد تعلَّمتها، قال: فلمَ قال عمرُ لمَّا طُعن: يا لَله يا لِلمسلمين، بفتح الهمزةِ الأولى وكسرِ الثانية؟ قلت: فتح الأولى بالدُّعاء، وكسر الثانيةَ للاستنصار، فقال: اذهبْ فلو حدَّثتُ أحدًا لَحدَّثتك.

وقال الخريبي: كلُّ صديقٍ ليس له عقلٌ فهو أشدُّ عليك من عدوِّك.

أسند عن هشام بنِ عروةَ وغيرهِ، وروى عنه سفيانُ بن عُيينةَ وخلقٌ كثير، واتَّفقوا على صدقه وثقتِه وورعه.

[وفيها توفي] (٢)

عليُّ بن جَبَلَةً بن مُسْلم

أبو الحسن، الشاعرُ البغدادي [ويقال له:]: العَكَوَّك (٣).

ولد سنةَ ستِّين ومئة، وذهب بصرُه بالجُدَريِّ وله سبعُ سنين.


(١) ما بين حاصرتين من تاريخ دمشق ٩/ ١٧٠.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب).
(٣) العَكوَّك: القصير السمين. تنظر ترجمته في تاريخ بغداد ١٣/ ٢٨٠ - ٢٨١، ووفيات الأعيان ٣/ ٣٥٠، والسير ١٠/ ١٩٢ - ١٩٤، وبقية مصادر ترجمته ثمَّة.