فيها زادت دجلةُ زيادةً لم تُعهد، بحيث كان الماء على رؤوس النخل، وهرب الناس في السفن إلى الجانب الغربي، وأقام الماءُ عشرين يومًا فأهلكَ الحرثَ والنَّسلَ.
وفيها وصل عميد الجيوش إلى الأهواز، فأقام بها ثلاثة أشهر ينتظر بهاءَ الدولة، حتى قدم فالتقاه على فرسخ من قنطرة أَربَق، في نفرٍ قليل من أصحابه، ودخل بهاءُ الدولة الأهواز في ربيع الأول، وأمر عميد الجيوش بقصد البَطيحَة وأخْذِها من ابن واصل، فسار العميد إلى واسط، وجمع السفن والزبازب، وانحدر إلى الصَّليق، وكان ابنُ واصل قد كاتبه ليتوسَّط الحال بينه وبين بهاء الدولة، وكان خديعةً، فبينا هو كذلك إذ قال قائل: قد أقبل ابن واصل، وقد وصل إلى الهور وهو خارجٌ منه.
وقد كان العميدُ سدَّ الأنهار وما أبقى إلا مكانًا واحدًا، فجاءته رسالةُ ابن واصل يقول: ما أحوجتُكَ إلى تكلُّفِ القصد لي، وقد جئتك، والأَولى أن تأخذ لنفسك وترجع إلى واسط، فإنني أخذت هذا البلد بالسيف وما أرجع عنه، وكان عميد الجيوش قد فرَّق الدَّيلم في البلد، ولم يبْقَ عنده إلا القليل، فإلى أن يجتمعوا صعد ابن واصل وأصحابه من السفن، وصدموا أوائل عسكو عميد الجيوش، فكانت الهزيمة، وانهزم عميد الجيوش، وغرق معظم أصحابه، وكان في خيمته ثلاثون ألف دينار عينًا ومئةٌ وخمسون ألف درهم، فدفنها خازنُه في الخيمة، ولم يعلم بها أحد، واستأمن من الدَّيلم قطعةٌ كبيرةٌ، وعاد عميد الجيوش إلى واسط على أسوأ حال، وعاد ابن واصل إلى البصرة، وأعلم أبو عبد الله الخازن عميدَ الجيوش أنه دفن المال، فقوي أملُه، وبعث مَنْ أحضره.
وفيها توفِّي أبو الفضل محمد بن القاهر بالله عن نيِّفٍ وثمانين أو سبعين سنة، وكان محتجبًا عن الناس.
وفي رجب انحدر مُهذَّب الدولة من بغداد إلى واسط، ورجع إلى البَطيحَة، وكان عميدُ الجيوش قد نُقِلَ إليه أن مُهذَّب الدولة قد غلبك ببغداد على أن يملك الحضرة،