للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له بعض أصحابه: هذا بعيدٌ؛ فإنَّ مُهذِّب الدولة ليس بديلميٍّ فتميلُ الدَّيلم إليه، وليس له مالٌ فتميلُ غيرُهم إليه، وهذه البَطيحَة خارجةٌ عنكم، وأهلها يريدون مُهذِّب الدولة، فسَيِّرْه إليها، فإن استقام أمرُه ظهر عند الناس أنكم قضيتم حقَّه ونصرتموه على عدوه لمَّا التجأ إليكم، وإن كانت الأُخرى استرحْتُم منه. فأرسل وراء مهذِّبِ الدولة، فقدِمَ واسطاً، فجهَّزه بالزَّبازب والدَّيلمِ وغيرِهم، وانحدر الناس، فتلقَّاه أهلُ البَطيحَة، وفرحوا به، وانتظم أمرُه.

وفيها خلَعَ القادرُ على القاضي أبي عبد الله الجزري الحسين بن هارون الضبِّي، وقرَّره على عمله.

وفيها كبس أبو العباس بن واصل أوائلَ عسكر بهاء الدولة، فظفرَ عليهم، وعاد بهاءُ الدولة إلى قنطرة أَرْبَق، ثم راسله ابن واصل، وكان قد اجتمع عنده بالبصرة أربعة آلاف من أعيان الدَّيلم، وعنده جَراءةٌ وإقدام، وحدَّثَتْه نفسُه بطلب الملك، وشجَّعه عليه مَنْ كان عنده من الدَّيلم وممَّن أبعدَه عميدُ الجيوش عن بهاء الدولة، ولقي أصحابَ بهاءِ الدولة عدة دفعات، وظهر عليهم، وعاد بهاء الدولة إلى قنطرة أَرْبَق على عزم الرجوع إلى فارس، ودخل ابن واصل الأهواز، ونزل دار المملكة، واستولى على ما كان فيها، ثم فكَّر في العاقبة، ورأى أصحابَ بهاء الدولة يريدون قصده من كل جانب، فكاتب بهاءَ الدولة وقال: أنا عبدك، وقد تقرَّبتُ إليكَ مراراً وأبعدتَني، وسمعتَ فيَّ أقوال الوُشاة والأعادي، لو اصطنعتني لفتحتُ الدنيا بين يديك ونفعتُكَ. فأجابه بهاء الدولة إلى ما أراد، ووقعت الأيمان بينهما، وشهد القضاة والأشراف، وبعث إليه الخِلَعَ النفيسةَ، وخوطب بما يُخاطَب به مُهذِّبُ الدولة، وعاد إلى البصرة بعد أن أخذ ما كان في دِجلة الأهواز من السفن والزبازب، وما وجد في دار بهاء الدولة من الآلات وغيرها وأموال الأهواز.

ذكر طرف من أخبار ابن واصل:

واسمه أحمد بن الحسن بن واصل، وكنيته أبو العباس، ولم يكن من بيت الإمرة وإنما كان جِهْبذًا، انتقلت به الأحوال، وخدم مُهذِّب الدولة بالبَطيحَة، وخدم بعبادان،