للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعث كلَّ أميرٍ إلى ناحية (١).

هذا ويزدجرد بن كسرى مُقيمٌ بمَرْو، وقد أمِن على نفسه، وبنى القصور، واتَّخذ بيت نارٍ، واتّخذ بُستانًا عظيمًا، وبنى فيه القِباب، وغرس الأشجار، وأقام إقامةَ مُطمئن، وكانت الفرس تُكاتبه وتَحفظ عهدَه في الأماكن التي لم يصل إليها المسلمون، وورد على عمر كتاب بأن الفرس قد اجتمعوا في نهاوند.

فصل حديث السّوس

قال علماءُ السير: كتب عمر إلى ابن أبي رُهمٍ بمُنازلة السُّوس، فنازلها، وحاصرهم أيامًا وقاتلهم، وأشرف عليهم الرُّهبان، وقالوا: يا معاشر العرب، إن مما عَهد إلينا علماؤنا ألا يَفتح السوسَ إلا الدجالُ، أو قومٌ فيهم الدجال، وكان ابن صيّادٍ مع المسلمين، فأتى بابَ السوس فضربه برجله وقال: انفتِح، فتقطعت السلاسلُ وتفتَّحت الأبواب، ودخل المسلمون، فألقى الكفار بأيديهم وقالوا: الصُّلحَ الصلح، فأجابوهم.

قلت: وقد ذكر ابن سعدٍ ابنَ صيّادٍ فقال: اسمه عبد اللَّه، ويقال: صاف، كان أبوه من اليهود، ولا يُدرى من هو، ولد على عهد رسول اللَّه ، وهو أعور مَختون (٢).

وكان جماعة من الصحابة يظنون أنه الدجال، وكان جابر بن عبد اللَّه يحلف باللَّه أنه الدجال، قال محمد بن المنكدر: فقلتُ لجابر: أتحلف باللَّه؟ فقال: سمعتُ عمر ابن الخطاب يَحلف على ذلك عند رسول اللَّه ، ورسول اللَّه لا يُنْكِرُهُ (٣).

ولمسلم عن أبي سعيد قال: صحبتُ ابن صيّاد إلى مكة، فقال لي: يا أبا سعيد، أما قد لقيتُ من الناس، يزعمون أني الدّجال، ألستَ سمعتَ رسول اللَّه يقول: "إنه لا يُولَد له"؟ قلتُ: بلى، قال: فقد وُلد لي، أو ليس سمعتَ رسول اللَّه يقول إنه: "لا يدخل الدجالُ المدينة ولا مكة"؟ قلتُ: بلى، قال: فقد وُلدتُ بالمدينة، وها أنا أريد مكة، ثم قال: أما واللَّه، إني لأعلم مَولد الدجّال ومكانَه وأين هو؟ قال: فلَبَسَني،


(١) من قوله: وقال الأحنف بن قيس. . إلى هنا ليس في (ك).
(٢) طبقات ابن سعد ٦/ ٥٦٥ - ٥٦٦.
(٣) أخرجه مسلم (٢٩٢٩)، ومن قوله: وكان جماعة من الصحابة. . . إلى هنا ليس في (ك).