للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: "يوم عَرَضت نَفسِي على عبدِ يالِيل بنِ عبد كلَال عند العَقَبة، فلَم يُجبني إلى ما أردتُ، فانطَلَقتُ وأنا مَهْمومٌ على وَجْهي، فلَم أسْتَفِق إلَّا وأَنَا بقرنِ الثَّعالبِ، فرفعتُ رَأسِي وإذا بسَحَابةٍ قد أَظَلَّتني وفيها جبريلُ، فَنَادانِي: يا محمدُ، إنَّ الله قد سَمِع قولَ قَومِكَ لك، وما رَدُّوا علَيك، وقد بَعَثَ إليكَ مَلَك الجِبالِ لتَأمُره بما شِئْتَ فيهم. قال: فَسَلَّم عليَّ، وقال لي: إنْ شِئْتَ أطبقتُ عليهمُ الأَخْشَبَيين. فقلت: بَل أرجو أن يَخرجَ مِن أصلابِهم مَن يعبدُ الله وَحدَه، ولا يُشرِكُ به شَيئًا". أخرجاه في "الصحيحين" (١).

ولما عاد رسول الله من الطائف، أقام بنخلةَ أيَّامًا، فمر به نفر من الجن وهو يصلي الفجر، فوقفوا فاستمعوا لقراءته، ثم ولوا إلى قومهم منذرين، وأنزل الله سورة الجن (٢).

وأول من تعوَّذ بالعرب من الجن قوم من اليمن، ثم بنو حنيفة، وفشا ذلك في العرب، كان إذا أمسى قوم في بريّة، يقولون: نَعوذ بسيِّد هذا الوادي من شرِّ سُفهاء قومه، فيبيتون في أمن وجِوار.

[عن كَردَم بن أبي السائب الأنصاري قال: خرجت مع أبي] في حاجة وذلك في أول ما ذُكر رسول الله بمكة، فآوانا المبيت إلى راعي غنم، فجاء ذئب فأخذ شاة أو حَمَلًا من الغنم، فوثب الراعي وقال: يا راعي الوادي، جارك، فنادى منادٍ لا نراه: يا سِرحان، أرسله. فأتى الحَمَلُ يشتد حتى دخل الغنم، ولم يُصِبْهُ شيء (٣).

ذكر رجوع رسول لله -:

لما عزم رسول الله على الدخول إلى مكة، قال له زيد بن حارثة : كيف تدخل على القوم بغير جوار، وقد أخرجوك، فأرسِل إلى من شئت فادخل في جواره. فمر به رجل من أهل مكة، فقال له رسول الله : هل أنت مُبلِّغ عني رسالة؟ قال:


(١) صحيح البخاري (٣٢٣١)، وصحيح مسلم (١٧٩٥).
(٢) انظر "السيرة" لابن هشام ٢/ ٤٩.
(٣) أخرجه الطبراني في "الكبير" ١٩ / (٤٣٠)، وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٧/ ١٢٩ وقال: وفيه عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي، وهو ضعيف. وما بين معكوفتين زيادة من معجم الطبراني.