للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التماثيل المرصَّعة باليواقيت، فسلَّمتُ عليه، وجلست بين يديه (١)، فلما أديتُ الرسالةَ قال للخادم: دُرْ به في القصر. فطاف بي، فرأيتُ ما هالني، ومن جملة ما رأيتُ خَرْكاة عظيمة قد أُلبست صفائح الذهب، وفيها من تماثيل اليواقيت والجواهر ما لا أقدر أن أصِفَه، وفي وسطها سرير من العود القُماري، وحوله تماثيل طيور من الذهب بخرْكاةٍ، إذا جلس الملكُ على السرير صفَّقت بأجنحتها، إلى غير ذلك من العجائب، فلمَّا عدتُ إليه أوردتُ له أحاديث، منها قولُه : " لمَناديلُ سعد بن معاذ في الجنَّة أحسَنُ من هذا" فبكى (٢).

وما كان يبني لنفسه مكانًا حتَّى يبني لله مسجدًا أو مدرسة.

وكانت وفاته في رجب، وقد جاوز السبعين، وأقام واليًا نيِّفًا وأربعين سنة.

عبد الباقي بن يوسف (٣)

ابن علي بن صالح، أبو تراب، المَراغي، الفقيه، الشافعي، ولد سنة إحدى وأربع مئة، ونزل نيسابور ودرَّس بها، وكان يقول: أحفظ أربعة آلاف مسألة في اختلاف الفقهاء والكلام عليها، وأُناظر في جميعها.

وكان يحفظ الحكايات والنوادر، قانعًا من الدنيا باليسير على طريقه السلف، بعث إليه السلطان منشورًا بقضاء هَمَذان، فردَّه وقال: أنا في انتظار المنشور الأكبر من الله تعالى بلقائه، وقدومي عليه، وقعودي ساعةً في هذا المسجد على فراغ القلب أحبُّ إليَّ من ملك الثقلين.

وكانت وفاته في ذي القعدة عن ثلاث وتسعين سنة، وكان إمامًا زاهدًا ورعًا عابدًا.

[السنة الثالثة والتسعون وأربع مئة]

فيها في يوم السبت سادس عشر صفر خرج الوزيرُ عميدُ الدولة لاستقبال بركياروق إلى صَرْصَر في الموكب، وعاد من يومه، ودخل بركياروق يوم الأحد إلى دار المملكة، وبعث إليه الخليفة خيلًا وسلاحًا وهدايا.


(١) في (خ): فجلست عليه، والمثبت من (ب).
(٢) الحديث أخرجه البخاري (٣٨٠٢) ومسلم (٢٤٦٨) من حديث البراء بن عازب .
(٣) المنتظم ١٧/ ٥٠ - ٥١، والأنساب ١١/ ٢٢٤ - ٢٢٥. وتنظر بقية المصادر في السير ١٩/ ١٧٠.