للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسبب دخوله بغداد أن أخاه محمد شاه كان قد ظهر عليه وخطب لمحمد ببغداد، وطرد بركياروق من هَمَذان، فقصد خوزستان والأهواز هاربًا من محمد، ثم قدم واسطًا، فهرب أعيانُ البلد، فدخل العسكرُ البلد، وفعلوا مثل ما فعل الفرنج بالمسلمين، وصادروا الناس، وأخربوا سقوف الدور، وأوقدوا أخشابها، وسبوا الحريم، ثم قصدوا بلاد سيف الدولة صدقة ففعلوا بها مثلَ ما فعل بواسط، ثم قصد بغداد، وكان سعد الدولة الكوهراني مخيمًا بالنَّجمي (١) مباينًا لبركياروق، مصافيًا لمحمد شاه، فرحل عن بغداد في صفر، وأخذ معه زوجة مؤيد الملك بن نظام الملك، وهي ابنة أبي القاسم بن رضوان فلما كان يوم الجمعة منتصف صفر قُطعت خطبة محمد شاه، وأُقيمت لبركياروق، واستولى محمد شاه على أصفهان والممالك، ومال الجندُ إليه.

وفي ربيع الأول استوزر بركياروق العميد أبا المحاسن عبد الجليل الدَّهسْتاني ولُقب بنظام الدين، وجلس للنظر في دار المملكة، فبعث له الخليفة خِلعًا مع عميد الدولة، فحبس (٢) بركياروق عميدَ الدولة، واستدعى القاضي أبا الحسن (٣) الدامَغاني، وأبا القاسم الزينبي وأبا منصور صاحب الباب، وقال لهم أبو المحاسن: السلطان يقول لكم: قد عرفتُم ما نحن فيه من الإضاقة ومطالبة العسكر لنا بالمال، وهذا الوزير ابنُ جَهير قد تصرَّف هو وأبوه في ديار بكر وخلاط والجزيرة والموصل في أيام جلال الدولة، وجبوا أموالها، وأخذوا ارتفاعها، وينبغي أن يُعاد كلُّ حق إلى مستحقِّه، فخرجوا إلى الوزير وأعلموه، فقال: أنا مملوك، ولا أقدر على الكلام إلا بإذن مولاي. وانصرف القوم، وأقام الوزير معتقلًا، فكتب الخليفة إلى السلطان كتابًا يتهدَّده ويقول فيه: لا يغُرَّكَ إمساكُنا من مقابلة الفلتات، فوَحَقِّ مَنْ سلف من آبائنا [لئن لم (٤)] يعُدِ الوزير شاكرًا لنفعلنَّ ولنفعلنَّ.


(١) هكذا في الأصلين (خ) و (ب): بالنجمي، وفي الكامل ١٠/ ٢٩٣، والمنتظم ١٧/ ٥٣: بالشفيعي.
(٢) في (خ): فجلس، والمثبت من (ب)، والمصادر.
(٣) تحرفت في (خ) إلى: المحاسن، والتصويب من (ب) والمصادر.
(٤) ما بين حاصرتين من (ب)، ونحوه في المنتظم.