فيها أعاد عزّ الدولة النَّوحَ يوم عاشوراء إلى ما كان عليه.
وأظهر الوزير أبو طاهر بن بقيَّة العَدْلَ والإنصافَ والإحسان، فشكره الناس، وذَمّوا الشّيرازي، وشَهر ابنُ بقية السُّعاةَ بالناس على الجِمال بجانبَي بغداد، وحَبَسهم، ثم نفاهم.
وخلع عليه المطيع الخِلَعَ السُّلطانية، وكَناه، ولَقَّبه النَّاصح للدَّولة، وسعى في إصلاح الحال بين الحاجب سُبُكْتِكين وعزِّ الدولة، وتحالفا على التَّصافي، وركب الحاجب إلى عز الدولة، وخَدَمه، ولم يعد بعدها اجتمع به إلا في المواكب، وعلى حالة الاحتراز.
وفي المحرَّم تقلَّد القضاء أبو الحسن محمدُ بن صالح ابن أم شَيبان الهاشميّ قضاءَ القُضاة، صارِفًا لأبي محمد عُبيد الله بن أحمد بن مَعروف، وركب معه أبو طاهر بن بقية، ووجوه الناس إلى داره بباب البصرة.
وسببه: أن ابن معروف طولب ببيع دار أبي منصور بن أبي عَمرو الشِّيرازي من أبي بكر الأصبهاني صاحب سُبكتكين، فامتنع، فقيل له: إن الوكيل الذي يبيع نَصَبه الخليفةُ، وليس يُراد منك إلا سماع الشهادة والإسجال، فأقام على الامتناع، وأغلق بابَه، وسأل الإعفاءَ من القضاء، فأُعفي، وطولب ابنُ أم شَيبان بأن يُقَلَّد القضاء فامتنع، فألَحّوا عليه، فأجاب بعد أن شرط لنفسه شروطًا؛ منها: أنه لا يَرتزق على القضاء، ولا يُخلَع عليه، ولا يُشْفَع إليه في تغيير حقٍّ، ولا يُنْقَض ما يوجبه الشَّرع، ويُجعل لحاجبه وللفارض على بابه، ولخازن ديوان الحكم، ولكاتبه، وللأعوان ما يكفيهم.
فأجيب إلى ذلك، وكُتب عهدُه على بغداد من الجانبين، وشقّ الفرات، وواسط، ودجلة، وطريق خُراسان، وحُلْوان، وديار بكر وربيعة، والمَوصل، والحَرَمَين، واليمن، ودمشق، وحمص، وجُنْد قِنَّسْرين، والعواصم، ومصر، والإسكندرية وغيرها، وكُتب عهدُه على ما جرت به العادة في العهود، وكان العهد من إنشاء أبي منصور أحمد بن عُبيد الله