للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشّيرازي صاحب ديوان الرسائل، وحضر أبو طاهر مع ابن أمِّ شَيبان إلى المطيع، وسلّم العهد إليه.

وفي ربيع الأول لعشرٍ بقين منه سار عزُّ الدولة إلى الموصل، وسُبُكتكين الحاجب في مُقدّمته، وسببه: أن أبا الفضل الشيرازي حَسَّن لعزِّ الدولة الاستيلاءَ على المَوْصل، وأطمعه في تلك البلاد ليَشْغَلَه عنه، وقوَّى تلك المشورة أبو طاهر بن بقية، ووردت على ابنِ بقيَّة كتبُ أبي الحسن علي بن عُمر (١) كاتب أبي تَغْلب، يُخاطبه فيها بدون ما كان يخاطبه قبل ذلك، فغاظه، وشتم كاتب أبي تغلب في مجالسه، وبلغ الكاتب فكتب إليه بالكتابة المستوفاة، فلم يرُدَّه ذلك.

وانضاف إلى هذا أن حَمْدان وأبا طاهر إبراهيم ابنَي ناصر الدولة كانا عند عزّ الدولة، فكاتب أبو تغلب أخاه أبا طاهر، ووَعده بكلِّ خير، وأراد أن يَقتطعه عن حَمْدان، فأجابه، وطلب منه خيلًا تقف له في مكان عَيَّنه، فأرسل بها إليه، وهرب أبو طاهر من بغداد إلى الموصل، فعزَّ ذلك على عز الدولة وقال: هذا غَدْر.

وصغَّر حَمدان أبا تغلب في عين عزّ الدولة، وأطمعه في البلاد، وحَلَف على الوفاء له، وسار إلى الموصل وسُبكتكين في المقدمة؛ بينه وبين عزّ الدولة مرحلة من الجانب الغربي، واستمر سُبكتكين في الجانب الشرقي، ووصل عز الدولة إلى الموصل وقد انصرف عنها أبو تغلب إلى سِنْجار بجيوشه، وقد أخلى الموصل من كل شيء، ثم عطف من سِنجار يُريد بغداد، وعلم به عزُّ الدولة.

وكان سُبكتكين قد تأخَّر بحَديثة الموصل، فكتب إليه عز الدولة بالعبور إلى الجانب الغربي، والمسير في إثر أبي تغلب، ورد إليه حَمدان وجماهيرَ القُوَّاد، ورد أبا طاهر بن بقية في الزَّبازب (٢) إلى بغداد.

وسبق أبو تغلب، ونزل القرية المعروفة بالفارسية على نهر الرُّفَيل، وبينها وبين بغداد فرسخان، وعامَلَ أهلَ السَّواد بالجميل، وأحسن إليهم، وضربت طلائعُه إلى باب بغداد، وخرج إليه جماعةٌ من العَيَّارِين والشُّطَّار مَسرورين به.


(١) في الكامل ٨/ ٦٣٤: علي بن أبي عمرو.
(٢) يعني السفن.