للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلب أحد، وتخلَّى عنه أبوه بعدما بالغ واجتهد فِي خلاصه، فلم يقدر، [وما كان سبب وفاته إلَّا السَّامري، فإنَّه ضيَّق عليه] (١) وآذاه، فمات غمًا وغبنًا ليلة الجمعة ثاني عشرين ربيع الآخر فِي محبسه، وحمل إِلَى تُرْبة جده الكامل، فدفن بها، رحمه الله تعالى.

[ولقد صبر صبر الكرام، وسار إِلَى دار السلام، وآل مآل السامري إِلَى الدرك الأسفل من النَّار، فلا رحم الله تلك العظام] (٢).

الملك السَّعيد عمر بن شهاب الدِّين غازي

[صاحبِ ميافارقين] (٢).

كان شابًّا، حسن الأخلاق، مليحَ الصُّورة، جَوَادًا، شجاعًا، وكان التَّتر قد استولوا على ديار بكر، وأخذوا خِلاط، فخرج غازي من مَيَّافارقين هاربًا منهم ليستنجد عليهم الخليفة والملوك، وخرج معه ولده عمر، وأمير حسن بن تاج الملوك أخي غازي، فوصلوا إِلَى الهرماس لوداع غازي، فقال غازي لولده عمر: يَا ولدي، المصلحة أَنْ ترجع إِلَى ميَّافارقين تحفظ المسلمين من التتر، وأنا أروح إما إِلَى بغداد وإما إِلَى مِصْر أستنجد الملوك، فقال: والله ما أفارقك، وجاء حسن بن تاج الملوك فجلس إِلَى جانبه، وأخرج سكِّينًا، وضرب عمر فِي خاصرته، وهرب ليرمي بنفسه فِي العين [ليغرقها] (٢)، فصاح [غازي] (٢): أمسكوه، فقد قتل عمر ولدي. وقام غازي ليقتله، فقصده حسن ليقتله، فرمى عمر بنفسه على غازي، وقال لحسن: يَا عدوَّ الله، قتلتني، وتقتل والدي. فضربه حسن بالسَّيف فقطع خاصرته، فوقع إِلَى الأرض، وأمر غازي بحسن فَقُطِّع قِطَعًا، وحُمِلَ عمر إِلَى الحِصْن، فدفن به، وحَزِنَ عليه والده حُزْنًا عظيمًا.

السنة الثالثة والأربعون وستّ مئة

فيها حَصَرَ معينُ الدِّين ابنُ الشيخ والخُوارَزْمية دمشق، وضايقوها، وقطعت الخُوارَزْمية على النَّاس الطُّرق، وزحفوا على البلد من كلِّ ناحية، وفي يوم الاثنين


(١) فِي (ت): وضيق أمين الدولة عليه وآذاه، والمثبت ما بين حاصرتين من (ش).
(٢) ما بين حاصرتين من (ش).