للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكره جدي في "المنتظم"، وأثنى عليه، وقال] (١): سَمِعَ الحديثَ الكثير من جماعةٍ يكثُر عددهم، وتَفرَّدَ بالرِّواية عن جماعةٍ منهم لم يحدِّث عنهم غيرُه، [وتفقَّه على أبي محمد عبد العزيز بن أحمد الحَلْوائي] (١)، وبَرَعَ في الفِقْه، فكان يُضْرب به المَثَل، [وحفظ مذهب أبي حنيفة، وكانوا] (١) يقولون: هو أبو حنيفة الصَّغير، وكان إذا طَلَبَ منه أحدٌ من المتفقِّهة الدَّرسَ ألقى عليه من أيِّ موضعٍ أراد من غير مطالعةٍ، ولا نَظَرٍ في كتاب، وإذا أشكَلَ على الفقهاء شيءٌ رَجَعوا إلى قوله ونَقْله.

وسُئِلَ يومًا عن مسألةٍ، فقال: كَرَّرْتُ عليَّ هذه المسألة في ليلةٍ في بُرج [من] (١) حِصن بخارى أربع مئة مرة، وكانت وفاته ببخارى في شعبان (٢).

الحسين بن محمد بن علي بن الحسن (٣)

أبو طالب، الزَّيْنبي، الحَنَفي.

ولد سنة عشرين وأربع مئة، وقرأ القرآن، وسَمِعَ الحديث، وبَرَعَ في الفِقه، وأفتى، ودَرَّس، وانتهت إليه رياسة أبي حنيفة ببغداد، ولقِّب بنور الهدى، وترسَّلَ إلى ملوك الأطراف من قِبَلِ الخليفة، وولي نقابة الطَّالبيين والعباسيين. وكان شريفَ النَّفس، كثير العِلْم، عزيز الدِّين، ثم استعفى من النَّقابة، وسببه: أنَّه حُمِلَ إليه شابٌّ هاشمي قد جنى جنايةً تقتضي معاقبته، فقال: ما يحملني قلبي أنْ أسمعَ صوته ولا أراه، فأعفاه [الخليفة، واستحضر أخاه طِرادًا من الكوفة، وكان نقيبها، فولي] (٤) النَّقابة على العَبَّاسيين.

توفي الحسين يوم الاثنين حادي عشر صَفَر، وصلَّى عليه ابنُه القاسم عليّ، وحضره الأعيان، وأربابُ الدَّوْلة والعلماء، وحُمِلَ إلى قُبَّة أبي حنيفة، فَدُفِن داخل القُبَّة،


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) "المنتظم": ٩/ ٢٠٠ - ٢٠١، وكانت ولادته سنة (٤٢٧ هـ).
(٣) له ترجمة في "الأنساب": ٦/ ٣٤٦، و"المنتظم": ٩/ ٢٠١، و"الكامل": ١٠/ ٥٤٥ - ٥٤٦، و"سير أعلام النبلاء": ١٩/ ٣٥٣ - ٣٥٥، و"الجواهر المضية": ٢/ ١٣٣ - ١٣٤، وفيهما تتمة مصادر ترجمته.
(٤) ما بين حاصرتين من (ب).