للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلال مع أبي بكرٍ حتى تُوفي أبو بكر، فجاء إلى عمر، فقال كما قال لأبي بكر، وردَّ عليه عمرُ كما ردَّ أبو بكرٍ، فأبى بلالٌ عليه، فقال عمر: فإلى مَن ترى أن أجعلَ النداءَ؟ فقال: إلى سعد القَرَظِ، فإنَّه قد أذَّن لرسولِ اللَّه ، فدعاه عمر فجعل الأذانَ إليه وإِلى عقبِه من بعده (١). والقَرَظُ بالظاء القائمةِ: وَرقُ السَّلَمِ، كانوا يَجْنونه فنُسب إليه.

ثم خرج بلالٌ إلى الشامِ فتوفي به .

ولما تُوفِّي رسول اللَّه ، أذن بلال ورسول اللَّه لم يُقْبَر، فلما قال: أشهد أن محمدًا رسول اللَّه، انتحب الناسُ في المسجد، فلما دُفن قال له أبو بكر : أَذّن، فقال: إن كنتَ إنما أعتَقتَني لأن أكونَ معك فسبيلُ ذلك إليك، وإن كنتَ أعتَقتَني للَّه فخَلِّني ومَن أعتقَتَني له، فقال: ما أعتقتُك إلا للَّه، قال: فإني لا أؤذّن لأحدٍ بعد رسول اللَّه ، قال فذاك إليك.

وجاء بنو أبي البُكَير إلى رسول اللَّه فقالوا: زَوِّج أختَنا فُلانًا، قال لهم: "فأين أنتم عن بلال؟ "، فجاؤوا مرّةً أخرى وأخرى وهو يقول لهم كذلك، ثم قال لهم في الثالثة: "أين أنتم عن رجل من أهل الجنة؟ "، فزوَّجوه (٢).

فصل في ذِكرِ وفاتِه -: حكى ابن سعد، عن الواقدي، عن موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارثِ التَّيْمي، عن أَبيه قال: تُوفّي بلال بدمشق سنة عشرين، ودُفِنَ عند البابِ الصغيرِ في مقبرةِ دمشق، وهو ابنُ بِضْعٍ وستين سنةً. قال الواقدي: وكان بلالٌ تِرْبَ أبي بكرٍ، يعني قَرينَه (٣).

قلتُ: وقد اختلفوا في وَفاتهِ ومَوضعِ قبرهِ على أقوالٍ، أحدها ما حكاه ابنُ سعدٍ عن الواقدي.

وقال ابن عساكر عن أبي سليمان بن زَبْر قال: مات بلالٌ بداريّا في سنةِ الطاعون، وحُمِل من داريّا على أعناقِ الرجالِ فدُفِنَ بمقبرةِ بابِ كيْسان (٤).


(١) طبقات ابن سعد ٣/ ٢١٤ و ٢١٧.
(٢) طبقات ابن سعد ٣/ ٢١٨ و ٢١٩. ومن قوله: ولما توفي رسول اللَّه . . . إلى هنا ليس في (ك).
(٣) طبقات ابن سعد ٣/ ٢١٩ و ٢٢٠.
(٤) تاريخ دمشق ٣/ ٤٧٢ - ٤٧٣.