للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السِّنديُّ بن شاهك

مولى [أبي جعفرٍ] المنصور [وقد ذكرناه في عدَّة مواضع.

وقال ابنُ ماكولا:] (١) كان رجلًا دَميمَ الخلق من السِّند، وكان أميرًا على دمشق، فأخرب سورَها في فتنة أبي الهَيذامِ سنة ستٍّ وسبعين ومئة [في خلافة هارون.

حكى عنه الصوليُّ أنه] قال: كنت بخُراسانَ واليًا عليها، فبعث إليَّ المأمونُ فطلبني على البريد، فطويت المراحلَ حتى قدمت بغدادَ على آخر نفَس، فأتيت بابَه، فوجدته نائمًا، وهاج بي الدم، فقلت: أَحتجم وأعود، فمضيت إلى داري وطلبت حجَّامًا لا يكون فضوليًّا، فأُتيت بحجَّام، فشرع يحجمني وقال: هذا وجهٌ ما رأيته قطّ، فمن أنت؟ قلت: السِّندي بن شاهك، قال: ومن يكون السِّندي؟ قلت: قائد من قوَّاد أميرِ المؤمنين، قال: وأين كنت؟ قلت: بخُراسان، قال: وما الذي كنت تعمل؟ قلت: واليًا عليها، قال: ففي أيِّ شيءٍ قدمت؟ قلت: على البريد، قال: وفي كم جئت؟ قلت: في عشرة أيام، قال: وما الذي يريد منك؟ قلت: إذا فرغت من الحجامة عرَّفتك.

فلمَّا فرغ من الحجامة قلت للغلمان: مدُّوه، فمدُّوه، فضربته عشرةَ أسواط، فقال: ما هذا؟ قلت: هذا عن سؤالك عن اسمي، ثم ضربته أخرى، فقال: ما هذا؟ قلت: عن قولك: أين كنت؟ ولم أزل أضربه وأعدُّ عليه وأقول: خرجت من خُراسانَ في يومِ كذا على طريق كذا والسياطُ تأخذه، فقال الحجَّام: [فإلى] كم تضربني؟ قتلتني! فقلت: حتى أصلَ إلى بغدادَ وأجتمعَ بأمير المؤمنين وأقولَ لك ما أراد مني، قال: فأموت أنا بعدُ وأنت في الطريق، فقلت: تتوب، لا تسأل أحدًا بعد اليومِ وأدعك؟ فقال: واللهِ لا سألتُ أحدًا بعد اليوم، فأطلقته وأعطيته دنانير، ودخلت على المأمون فأخبرته خبرَه، فقال: وددت واللهِ أنك بلغت به بغدادَ ورجحت إلى خُراسانَ حتى تأتيَ على نفْسه.

وقال الخطيب (٢): ولي السِّندي القضاءَ ببغداد، وكان لا يستحلف المُكاريَ ولا


(١) ما بين حاصرتين من (ب)، وينظر الخبر في مختصر تاريخ دمشق لابن منظور، عند ترجمته.
(٢) لعل الصواب: الجاحظ، كما في تاريخ الإسلام ٥/ ٨٧، والوافي ١٥/ ٤٨٧.