للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما أتاني مِنْ قريضِك جَوْهرٌ … جَمَعتَ المعالي فيه لي والمعانيا

وقلتُ أخي يرعى بنيَّ وأُسرتي … ويحفَظُ عهدي فيهمُ وذِماميا

فما لك لَمَّا أَنْ حنى الدَّهْرُ صَعدتي (١) … وثَلَّم مني صارمًا كان ماضيا

تنكَّرتَ حتى صار بِرُّك قسوةً … وقُربُك منهم جفوةً وتنائيا (٢)

فأصبحتُ صِفْر الكَفِّ مما رَجَوْتُه … كذا اليأسُ قد عَفَّى سبيلَ رجائيا

على أنني ما حُلْتُ عَمَّا عَهدتَهُ … ولا غَيَّرَتْ هذي الشُّؤون وداديا

فلا غَزوَ عند الحادثات فإنَّني … أراكَ يميني والأنامَ شِماليا (٣)

وقال ولده محمد بن مُرشد (٤): كان أبي يكتُبُ مُصحفًا، فتذاكروا بين يديه خروجَ الرُّوم، فرفع المُصحَف، وقال: اللهم بحقِّ مَنْ أنزلته عليه إن كنت قضيتَ بخروج الروم، فَخُذْ روحي ولا أراهم. فماتَ عقيب ذلك في رمضان، ودُفِن بشَيزَر، وخرجت الرُّوم بعد ذلك في شعبان سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة، فحاصروا شيزر أربعةً وعشرين يومًا، ونصبوا عليها ثمانية عشرة منجنيقًا، ثم رحلوا عنها يوم السبت تاسع عشرة رمضان.

المُفَرِّج بن الحسن بن [الحسين بن] أبي محمد (٥)

أبو الذَّوَّاد، محيي الدِّين بن الصُّوفي، الكِلابي، رئيس دمشق، وكان أبوه رئيسَ دمشق أيضًا.

وكان يتعاهد المستورين، وله الصَّدقات والبر الكثير، واستوزره بُوري بعد قَتْلِ المَزْدَقاني (٦)، وكان شهابُ الدِّين محمود صاحب دمشق يحسده لحشمته، وكَثْرة ماله، فاتَّفق مع بزواش على قَتْله، فركب يومًا يسير قِبْلي دمشق، فالتقاه بزواش عند قبر


(١) الصعدة: القناة المستوية، يشبه بها القامة المستقيمة. انظر "اللسان" (صعد).
(٢) في (ع) و (ح):
تنكرت حتى صار برك جفوة … وقربك منهم قسوة وتنائيا
والمثبت من "تاريخ ابن عساكر".
(٣) "تاريخ دمشق" لابن عساكر: ١٦/ ٣٣٤، وما بين حاصرتين منه.
(٤) في "تاريخ ابن عساكر": ١٦/ ٣٣٥: حكى لي أبو المغيث منقذ بن مرشد الكناني قال: فذكر نحو هذه القصة.
(٥) ذكر خبر مقتله في "ذيل تاريخ دمشق" لابن القلانسي: ٤٠٤ - ٤٠٥، وترجمته في "تاريخ ابن عساكر" (خ) (س): ١٧/ ١٠٣ - ١٠٤، وما بين حاصرتين منه، وفيهما مقتله سنة (٥٣٠ هـ)، وانظر ص ٣٠٨ من هذا الجزء.
(٦) انظر ص ٢١٧ من هذا الجزء.