للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحسده سُلْطان على أولاده، ومات مُرشد في هذه السنة، ثم أَخْرَجَ سُلْطان أولادَه مِنْ شَيْزَر، وسنذكر القصة إن شاء الله تعالى في سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة (١).

[وذَكره (٢) العماد الكاتب في "الخريدة"، فقال: ولد أبو سلامة مرشد بن علي في سنة ستين وأربع مئة، وتوفي في سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة، وأثنى عليه كثيرًا (٣).

وذكره الحافظ ابنُ عساكر، وقال: ولد أبو سلامة في سنة ستين وأربع مئة]، ودخَلَ طرابُلُس غير مَرَّة، وسافر إلى بغداد، وأَصبهان، وكانت له يدٌ طُولى في عِلْم العربية والكتابة والشِّعر، [وكان حافظًا للقرآن، حَسَنَ التِّلاوة] (٤)، كثير الصَّوْم، شديدَ البأس والنجدة في الحرب، حَسَنَ الخط، كتَبَ بخطِّه سبعين ختمة (٥). وكذا ابنه الأمير محمد بن مرشد.

قال ابنُ عساكر: حدَّثني أبو عبد الله محمد بن مُرشد، قال: لما ماتَ عمي أبو المُرْهَف نَصر بن علي بشَيزَر، وأوصى إلى والدي، فقال: والله الذي لا إله إلا هو لا وليتُها، ولأَخْرُجَنَّ من الدُّنيا كما دخلتُ إليها. وولاها أخاه أبا العشائر سُلْطان بن علي، وكان صبيًّا، فاصطَحَبا أجمل صحبة مُدَّة من الزمان، قال: وكنا قد نشَأنا، ولم يكن لعمِّي أبي العشائر ولدٌ، فلحقه الحسدُ على كون أخيه له عِدَّة من الولد، ولم يكن له سوى بنات، ثم رُزِقَ أولادًا صغارًا، فكان كلَّما رأى صِغَرهم (٦)، ورأى أولاد أخيه كبارًا قد [سدُّوا مكان أبيهم] اشتد حسده، فكتَبَ إلى والدي شِعرًا، فأجابه أبي بقوله: [من الطويل]

ظَلُومٌ أَبَتْ في الظُّلْم إلا تماديا … وفي الصَّدِّ والهِجْران إلا تناهيا

شَكَتْ هجْرَنا والذَّنْبُ في ذاكَ ذَنْبُها … فيا عجبا مِنْ ظالمٍ جاء شاكيا

وطاوَعَتِ الواشين فيَّ وطالما … عَصَيتُ عذُولًا في هواها وواشيا

ومالَ بها تِيْهُ الجمالِ إلى القِلى … وهيهاتَ أَنْ أُمسي لها الدَّهْرَ قاليا

ولا ناسيًا ما اسْتَوْدَعَتْ من عُهودها … وإنْ هي أَبْدَتْ جفوةً وتعاليا


(١) انظر ص ٤٧٢ - ٤٧٣ من هذا الجزء.
(٢) في (ع) و (ح): ومولد مرشد سنة ستين وأربع مئة، وما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٣) هذا الموضع مما خرم من "الخريدة"، انظر حاشية محققه الدكتور شكري فيصل: ١/ ٥٥٧ - ٥٥٨.
(٤) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٥) "تاريخ ابن عساكر" (خ) (س): ١٦/ ٣٣٣ - ٣٣٤.
(٦) في (ع): صغيرهم، والمثبت من (ح).