﴿يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ أي: يصرفون المؤمنين عن إيمانهم ﴿وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا﴾ [هود: ١٩] أي السبيل، والعِوج: الزيغ. ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ﴾ [الأعراف: ٨٦] يعني في العدد، وقيل: في الأموال، ثم قال: ﴿وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ﴾ [هود: ٩١] أي: شتمناك، وقيل: قتلناك. ﴿قَالَ يَاقَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ﴾ أي: أتراعون رهطي ولا تراعون الله فيَّ ﴿وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا﴾ [هود: ٩٢] أي رميتم أمره وراء ظهوركم ﴿وَارْتَقِبُوا﴾ العذاب ﴿إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ﴾ [هود: ٩٣] لكم العذاب، ولي وللمؤمنين الثواب.
[ذكر عذابهم]
قال الله تعالى: ﴿وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ﴾ [هود: ٩٤] واختلفوا فيهم، قال ابن عباس: صاح بهم جبريل صيحةً فماتوا عن آخرهم و ﴿نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا﴾ [هود: ٩٤].
وقال محمد بن كعب القُرَظي: عُذِّبَ أهلُ مدين بثلاثة أصناف من العذاب، صنف أخذتهم الرجفة، فخافوا أن تسقط عليهم ديارهم، فخرجوا منها، فأصابهم حرٌّ شديد، فبعث الله الظلة، فتنادوا هلموا إلى الظل، فدخلوا فيه، فصيح بهم صيحة واحدة، فماتوا كلهم. قال جدي ﵀ في "التبصرة": وهذا القول يدلُّ على أن أهل مدين هم أصحاب الظُّلَّةِ، وإليه ذهب جماعة من العلماء. وذهب مقاتل إلى أن أهل مدين لما هلكوا بُعِثَ شعيب إلى أصحاب الأيكة، فأهلكوا بالظلة (١). وقال مجاهد: ومعنى قوله تعالى: ﴿كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء: ١٧٦] أنَّ المراد به: شعيب، لأنه من المرسلين. والأيك: الشجو الملتفُّ، الواحدة: أيكة، فيها لغتان، أيكة وَلَيْكَة. وقيل: الأيكة الغيضة، ولَيْكَة اسم القرية. وقيل: هما واحد، مثل مكة وبكة.
وقال أبو الحسين ابن المنادي: وكان أبو جاد، وهواز، وحُطي، وكلمون، وسعفص، وقرشت، ملوك أهل مدين، وهم بنو الأمحض بن جندل بن يعصب بن مدين بن إبراهيم. وكان أبو جاد ملك مكة وما والاها من تهامة، وكان هوَّز، وحطي،