للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ملكي وجٍّ ونجد - والطائف هو وجٌّ - وكان سعفص وقرشت ملكي مدين، ثم خلفهم كلمون، وكان عذاب يوم الظلة في ملكه، فقالت حالفة ابنة كلمون ترثيه (١):

كلمونٌ هدَّ ركني … هُلْكُهُ وَسْطَ المحلَّهْ

سيِّدُ القومِ أتاه الـ … ـــحَتفُ نارًا وَسْطَ ظُلَّهْ

كوَّنت نارًا فأضحت … دارهم كالمضمحلَّهْ

ثم إنَّ شعيبًا أقام في أهل الأيكة يدعوهم إلى الله فما ازدادوا إلا عتوًّا، فسلَّط الله عليهم الحرَّ.

وقال قتادة: أما أهل مدين فأخذتهم الصيحة والرجفة، وأما أصحاب الأيكة فسلَّط عليهم الحر سبعة أيام ثم بعث الله عليهم نارًا فأحرقتهم، فذلك عذاب يوم الظلة.

وقال مجاهد: حبس الله عنهم الريح سبعة أيام، وسلط عليهم الحرَّ سبعة أيام حتى أخذت بأنفاسهم، فدخلوا الأسراب ليتبردوا فيها، فوجدوها أشدَّ حرًّا من الظاهر، فهربوا إلى البريَّة، فأظلتهم سحابة عظيمة، فوجدوا فيها بَرْدَ النسيم، فتنادوا تعالوا إلى الظلِّ والبرد، حتى إذا اجتمعوا تحتها أمطرت عليهم نارًا فاحترقوا.

فالحاصل أن شعيبًا بُعث إلى أهل مدين وأصحاب الأيكة، وإنما اختلفوا إلى أيهم بُعث أولًا.

وقال قتادة: كان في قوم شعيب رجل يقال له: عمرو بن جَلْهاء، فلما رأى العذاب قال (٢):

يا قوم إنَّ شعيبًا مُرْسَلٌ فدَعُوا … عنكم سُميرًا وعمرانَ بن شدَّادِ


(١) انظر "عرائس المجالس" ص ١٦٨، و"التبصرة" ١/ ٢٠٦ - ٢٠٧.
(٢) إلى هنا تنتهي نسخة (ل) وجاء في آخرها: انتهى الجزء الأول يتلوه الثاني شعر عمرو بن جلهاء، تم بحمد الله وعونه، وكان الفراغ منه يوم الأحد مستهل شعبان المبارك، سبع عشر وسبعمائة، وكتبه العبد الفقير إلى الله تعالى أحمد بن العلم الحكيمي غفر الله له ولوالديه ولصاحب الكتاب ولجميع المسلمين آمين آمين والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم. وسأعتمد فيما يأتي من هذا الجزء إلى قصة زكريا ويحيى: مطبوعة الدكتور إحسان عباس، ونسخة (ب) رغم اختصاراتها الكثيرة والتقديم والتأخير فيها الذي بدأ من هنا.