للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغلمان وعسكر الشيرازيين، فاستأمن إلى الملك جماعةٌ وولَّوا منهزمين، فأحاطت العرب بعسكرِهم وثَقَلِهم، فاستولَوا على الجميع، وكان من جملة ما أخذوا سبعة آلاف رأس من الخيل (١)، وأما المَّال والثياب والسلاح فلا يُحصى، وسقط الحاجبُ من فرسه، فلم يكن له قوةٌ أن يركب، فالتجأ إلى أَجَمَةٍ فأُخِذَ، وأُخِذَ عامةُ أصحابه، وبلغت الوقعةُ الأجلَّ العادلَ وهو بالأهواز، فلحق بشيراز، وحلف الخليفةُ لجلال الدولة، وعادَتْ خطبتُه، وكان جلالُ الدولة يقول: إجازةُ الخليفة للحاجب هي التي أوجبَتْ ذلك كلَّه. وكان الملك قد حلف للخليفة بالأنبار، ودخل واسطًا لسبع بَقِينَ من ذي القَعدة، وبين يديه الحاجب على بغل بإكاف وقد قُيِّد بقيدين، ووكِّلَ به جماعةٌ من الخواص، فقال دُبيس: أنا أُقرِّر عليه مالًا يشتري به نفسه على أن يُسلِّمه إلى أن يكون عندي تحت الاحتياط. فقال أصحاب الملك للملك: قد علمتَ ما فعَلَ بنا وبِكَ، فإن سلَّمْتَه إلى دُبيس لم يأمن ثورة الغلمان أن يخلصوه، ولا أثرَ بعد عين، ونعود إلى ما كُنَّا عليه من قبل. فأمر (٢) بقتله ليلة الثلاثاء لليلةٍ بقِيَت من ذي القَعدة.

وأُخرِجَ رأسُه فَطِيفَ به، ثم بُعِثَ به مع فرَّاشٍ إلى بغداد، فَطِيفَ به على خشبةٍ، فكان بين خروجِه من دار الخلافة وقتْلِه ستةُ أشهر وعشرةُ أيام، وعمره سبعون سنة، وقُتِلَ جماعةٌ ممَّن كان معه، وكتب جلالٌ إلى أبي كاليجار والعادل كتابًا يدعو فيه إلى الصلح، ويحيل على الحاجب.

ولم يحجَّ أحدٌ من العراق.

وفيها تُوفِّي

أحمد بن محمد (٣)

ابن أحمد بن جعفر، أبو الحسين، القُدُوري، البغدادي، ولد سنة اثنتين وستين وثلاث مئة، وكان ممَّن أنجبَ في الفقه لذكائه.


(١) المثبت من (ت)، وتحرفت العبارة في (خ) إلى: سبعة آلاف فارس من الجليل.
(٢) في (خ): فأقرَّ، والمثبت من (ت).
(٣) تاريخ بغداد ٤/ ٣٧٧، والمنتظم ١٥/ ٢٥٧، والأنساب ١٠/ ٧٦. وينظر السير ١٧/ ٥٧٤.