للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذِكْرُ تعبُّدِه: قال ابن سعد بإسناده قال: كان يصوم الدهرَ، وكان زمانَ الرَّمادة إذا أمسى أُتي بخُبزٍ وزيتٍ قد لُتَّ به، ونَحروا يومًا جَزورًا، فقدَّموا إليه منها فقال: بئسَ الوالى أنا إنْ أكلتُ طَيِّبَها وأطعمتُ المسلمين كراديسها، ولم يأكلْ منها، وقد ذكرناه.

وكان يصلي بالناس العشاء، ثم يدخل بيتَه، فلا يزال يصلي، حتى إذا كان آخر الليل خرج فيأتي الأنقاب فيطوف عليها.

وروى ابن سعدٍ عن ابن المسيّب قال: كان عمر يُحِبُّ الصلاة في كَبدِ الليل. يعني في وسط الليل (١).

وروى سفيان بن عُيينةَ بإسناده عن ابن عمر قال: ما مات عمر حتى سَرَد الصَّوْمَ (٢).

ذِكْرُ خوفِه: رُوي عن عبد اللَّه بن عمر قال: كان عُمر يقول: لو ماتَ جَدْيٌ بطَفِّ الفُراتِ لخَشيتُ أنا يُحاسبَ اللَّه به عمر.

وقال ابن سعدٍ بإسناده عن عبد اللَّه بن عامر قال: رأيتُ عمر بنَ الخطاب قد أخذَ تِبنَةً من الأرض وقال: ليتني كُنتُ هذه التِّبْنَةَ، ليتني لم أُخلق، ليتني لم تلدني أمي، ليتني لم أكن شيئًا، ليتني كنتُ نَسْيًا مَنْسيًّا (٣).

وقال أبو نُعيم بإسناده عن عبدِ اللَّه بن عيسى قال: كان في وَجهِ عمرَ خَطّانِ أسودانِ من البكاء.

ورُوي عن ابن أبي الدنيا، عن ابن عمر قال: كان عمر يسمع الآيةَ فيُغشى عليه، فيُحملُ صريعًا إلى منزله، فيُعاد أيامًا، ما به مَرَضٌ غير الخوف (٤).

قال رسول اللَّه : "قد كان في الأمم مُحدَّثون، فإن يكن في أمتي [منهم أحد] فعمر". أخرجه مسلم.

وقال البخاري: وزاد زكريا بن أبي زائدة: "قد كان قبلكم من بني إسرائيل رجالٌ


(١) الأخبار الثلاثة في طبقات ابن سعد ٣/ ٢٩٠ - ٢٩١، ٢٦٦.
(٢) أخبار عمر لابن الجوزي ١٣٩.
(٣) طبقات ابن سعد ٣/ ٢٨٤، ٣٣٤.
(٤) حلية الأولياء ١/ ٥١.