للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الستون بعد المئة]

فيها خلع المهدي عيسى بن موسى، قد ذكرنا أنَّه كتب إليه يسأله أن يخلعَ نفسه فامتنع (١).

وفيها فتحَ عبدُ الملك بن شهاب المسمعيّ مدينةَ باربد بأرض الهند، وقد ذكرنا أنَّ المهدي جهَّزَهُ إليها في السنة الماضية، وكانوا قد أقاموا عليها مُدَّةً، وكانوا قد نصبوا عليها المجانيق، فافتتحوها عَنْوةً، وقتلوا وسبوا، وكان في السبي ابنة ملك باربد، وأرادوا الرجوعَ إلى البصرة، فهاج عليهم البحر، فلم يقدروا على ركوبه، فأقاموا حتَّى يطيبَ لهم البحر، فأصابَهم داءٌ في أفواههم، فمات منهم ألفُ رجلٍ منهم الربيع بن صبيح، ثمَّ ركبوا البحرَ، فهاج عليهم فتكسَّرت مراكبُهم، فغرق بعضُهم ونجا البعض، وقدموا البصرة، وبها محمد بن سليمان (٢).

وفيها خرج يوسف بن إبراهيم - ويقال له البرم - بخراسان منكرًا على المهديِّ سيرتَه، واجتمعَ إليه خلقٌ كثير، فبعثَ إليه المهدي يزيدَ بن مزيد، فاقتتلَا، فظفر به يزيد، فأسره وحملَه إلى المهدي، فلمَّا قربَ من بغداد أُركِبَ على بعيرٍ، وحُوِّل وجهه إلى ذنبه، وفُعِل بأصحابه كذلك، وكان البرم قد قتل أخًا لهرثمة بن أعين بخراسان، فأمرَ المهديُّ هرثمةَ، فقطعَ يدي البرم ويدي أصحابه، وضرب أعناقهم، وصلبَهم.

وفيها توفِّي عبدُ الله بن صفوان (٣) الجمحيّ والي المدينة.

وحجَّ بالناس في هذه السنة محمد المهدي، وحجَّ مع المهدي ابنُه هارون، واستخلفَ على بغداد ابنه موسى ومعه يزيد بن منصور خال المهدي، وحج معه جماعةٌ


(١) انظر تاريخ الطبري ٨/ ١٢٤ - ١٢٨.
(٢) انظر تاريخ الطبري ٨/ ١٢٨.
(٣) كذا في (ج) والمنتظم ٨/ ٢٤٥، والكامل ٦/ ٤١، ٤٨. وفي تاريخ الطبري ٨/ ١٢٣، ١٣٢: عبيد الله بن صفوان. وتمام اسمه: عبيد الله بن محمد بن صفوان. انظر المعرفة والتاريخ ١/ ١٤٧، وتاريخ بغداد ٧/ ١٢، وتاريح الإسلام ٤/ ١٤٥، والعقد الثمين ٥/ ٣١٧.
وانظر أيضًا أخبار القضاة لوكيع ٣/ ٢٤٩ - ٢٥١.