للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أهل بيته، وحجَّ معه يعقوب بن داود على منزلته التي كانت عنده، وأتاه حين وافى مكة بالحسن بن إبراهيم بن عبد الله بن حسن، فأحسنَ إليه المهديّ، ووصله، وأقطعه مالًا بالحجاز، ووفّى له ما أمنه به.

ونزع المهديُّ كسوةَ البيت وكساه كسوةً جديدة، وكانت الكسوة قد أثقلت الكعبة، فخافت الحجبةُ أن تنهدم، فأنهوا ذلك إليه، فنزعَها وجَرَّد الكعبةَ وخَلّقَهَا (١)، ثم كساها كسوة واحدة، ونزع ما كان من كسوة بني أمية، وكان هشام قد كساها ديباجًا ثخينًا، فأزاله.

وكان قد حملَ معه من العراق ثلاثين ألف ألف درهم، ومتاعًا كثيرًا، وقُدِم عليه وهو بمكة من مصر بثلاثِ مئة ألف دينار، ومن اليمن مئتي ألف دينار، فقسَّم الجميع في أهل الحرمين، وفرَّق فيهم الثياب، وكانت [مئة ألف ثوب، و] (٢) خمسين ألف ثوب.

ووسَّع في مسجد النبي ، وأمرَ بنزع المقصورة التي في مسجد رسول الله ، فنُزِعت، وأراد أن ينقص من المنبر ما كان معاوية زاد فيه، فشاورَ مالك بن أنس، فقال مالك (٣): إنَّ المسامير التي عملَها معاوية في الخشب الأوَّل قد عتقت، ومتى نُزِعت ربَّما تكسَّر الجميع، فتركَه.

وتزوَّج المهديُّ في هذه السفرة في مقامه بالمدينة رقيَّة بنت عمرو العثمانيَّة.

وحمل محمد بن سليمان الثلج إلى المهدي بمكّة، فكان أوَّلَ من حُمل الثلج له من الخلفاء إلى مكَّة المهديُّ.

وفي هذه السفرة كان على قضاء المدينة عثمانُ بن طلحة بن عمر بن عبيد الله (٤) بن مَعمر، فدخل على المهديِّ وسأله أن يعفيَه من القضاء، فابى، فقال له عثمان: والله لو علمتُ أن بلد الروم يجيروني ولا يمنعوني من الصلاة لاستجرتُ به. فقال له المهدي:


(١) أي: طلاها بالخَلوق. والخلوق: ضرب من الطيب. مختار الصحاح (خلق).
(٢) ما بين حاصرتين من تاريخ الطبري ٨/ ١٣٣، والمنتظم ٨/ ٢٣٨.
(٣) في تاريخ الطبري ٨/ ١٣٣: فذكر عن مالك بن أنس أنَّه شاور في ذلك، فقيل له …
(٤) في (خ): عبد الله. والمثبت من تاريخ بغداد ١٣/ ١٥١، والمنتظم ٨/ ٢٣٩.