للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأسد إذا كبر رجعَ إلى جنسه، وربَّما افترسَكَ؟! فقال لهم: ويحكم، هذا عجلٌ، وليس بأسد، وأنا ربَّيتُه، وأمُّه عندي، فقالوا: سل من شئت عنه، وقد تقدَّموا إلى جميع أصحابه أنَّه إذا سألهم قالوا: أسد، فسألَ الجميع، فقالوا: أسد، فقال: اذبحوه، فذبحوه وأكلوه، وأنا ذلك العجلُ، فكيف أكون أسدًا، فاللهَ اللهَ في أمري، اصطنعتني ورفعتني، فكيف أقابلُ إحسانَك بالإساءة، ولا تسمعْ فيَّ قولَ الأعادي، فإنَّما أنا عبدُك وأنت مولاي.

ودعا به أحمدُ بن أبي دؤاد إلى دارِ العامَّة، وقال له: يَا حيدر أنتَ أقلف، وأراد أن يفضحَه بين الخاصَّة والقوَّاد إن يكشف، ويكذِّبه إذا امتنع، ثمَّ رُدَّ إلى حسبه (١).

[واختلفوا في سبب وفاته، قال قومٌ: منعوه] (٢) الطعامَ والماءَ فمات. [وقال آخرون:] (٣) قتلَه المعتصم وصُلِب إلى جانب بابك، [وذلك] في شعبان [في هذه السنة] وقيل: في شوال.

وقال الصوفي: ماتَ في الحبس، وأخرج فصلبَ بباب العامَّة في شعبان، وأُحضرت أصنامٌ كانت في داره حُمِلت [إليه] من أشروسنة، فأُحرقت بالنار، وطُرِحَ الأفشين فيها، فأحرق بالنار وذري. وقيل: إنَّه أقام مصلوبًا إلى جانب بابك مدَّةً. (٤)

[وفيها توفيت]

عِنَان

جارية الناطفيّ، من مولَّدات المدينة، كانت جميلةً فصيحةً شاعرةً سريعةَ الجواب، بلغ الرشيد خبرُها، فاستعرضَها، فقال مولاها: ما أبيعُها إلَّا بمئة أَلْف درهم، فردَّها [على مولاها] فتصدَّق الناطفيُّ بثلاثين أَلْف درهم، فلما ماتَ مولاها نُودي عليها، فقال مسرور الكبير: عليَّ بمئة أَلْف درهم، فزاد رجلٌ عليه خمسين ألفًا، وخرَج بها إلى خراسان، فماتت هناك.


(١) من قوله: ونقل الملك إلى الفرس … إلى هنا. ليس في (ب).
(٢) في (خ) و (ف): وسبب وفاته أنَّه منع من. والمثبت بين حاصرتين من (ب).
(٣) في (خ) و (ف): وقيل. والمثبت من (ب).
(٤) انظر تاريخ الطبري ٩/ ١١٢ - ١١٤، والكامل ٦/ ٥١٧ - ٥١٨، والمنتظم ١١/ ١١٢.