للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء الفرنج، فنزلوا على تل مُبَشِّر مقابل شَيزَر ليبنوا عليه حِصنًا، فنازلهم طُغْتِكين ومودود، وطَمِعَ بهم التُّرك، وتَخَطَّفوهم، ومنعوا أحدًا منهم أن يخرج من خيمته، وقتلوا وأسروا، فلما رأوا أحوالهم ناقصة انكفؤوا راجعين إلى أنطاكية وطرابُلُس، والتُّركُ في آثارهم قَتْلًا وأَسْرًا، واستحكمتِ المَوَدَّةُ بين [أتابك] (١) طغتكين [وشرف الدين] (١) مودود (٢).

[فصل] (١) وفيها تُوفِّي [الأمير] (١)

سُكْمان بن أُرْتُق (٣)

صاحب خِلاط، وديار بكر. قد ذكرنا أنَّه جاء إلى الرُّها، ومَرِضَ، فَحُمِلَ في مِحَفَّة، فمات بميَّافارِقين، وحُمِلَ تابوته إلى خِلاط، فَدُفِنَ بها، وكان عادلًا مجاهدًا.

وأبوه أُرتُق ماتَ بالقُدْس، وكان قد دخل الرَّمْل خوفًا من مَلِك شاه، ولمَّا عاد ملك شاه عن الشَّام، رَجَعَ أُرْتُق إلى القُدْس، ومات به.

ونجم الدِّين إيل غازي بن أُرْتُق، أخو سُكْمان مَضى إلى السُّلْطان محمَّد شاه، فولاه شِحْنِكِيَّة العراق، ثم أَخَذَ مارِدِين في سنة ثمانٍ وخمس مئة، وميافارقين في سنة اثنتي


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) انظر "ذيل تاريخ دمشق" لابن القلانسي: ٢٧٨ - ٢٨٣.

(٣) سلفت أخباره باسم سكمان القُطبي، ونُسِبَ القطبي لأنه كان مملوك قطب الدين إسماعيل بن الياقوتي بن جغري بك السلجوقي أمير أذربيجان، وقد استولى سكمان على خلاط سنة (٤٩٣ هـ)، وتوفي سنة (٥٠٤ هـ) كما هو مذكور، وتدل نسبته إلى مولاه إلى أن اسم أَبيه لا يعرف، ومن ثَمَّ فإنّ قول سبط ابن الجوزي هنا إنه ابن أرتق لا يصح، وقد أوقعه هذا بأوهام كما سيأتي، فذهب إلى أن أباه هو أرتق الذي مات بالقدس، وأن أخاه هو إيل غازي صاحب ماردين وغيرها ظنًّا منه أن سكمان هذا هو سكمان (أو سقمان) بن أرتق، اختلط عليه الاسم، فظنهما واحدًا، ومعروف أن سكمان بن أرتق تُوفِّي سنة (٤٩٨ هـ) وهو أخو إيلغازي، ووالدهما هو أرتق المتوفى ببيت المقدس سنة (٤٨٤ هـ)، وهم أصحاب حصن كيفا وآمد وماردين، ولم يتولَّ خلاط أحدٌ منهم، وقد تابعه في ذلك ابن تغري بردي في "النجوم الزاهرة": ٥/ ٢٠١، إلَّا أنَّه قد أساء النقل عن سبط ابن الجوزي فوقع بأوهام أخرى، انظر "وفيات الأعيان": ١/ ١٩١، و"تلخيص مجمع الآداب" لابن الفوطي: ق ٤ ج ٤/ ٦١٨ - ٦١٩، و"سير أعلام النبلاء": ١٩/ ٢٣٤ - ٢٣٥، ٤٣٥، و"معجم الأنساب" لزامباور: ٣٤٦ - ٣٤٨، و"الدول الإِسلامية": ٣٥١ - ٣٥٩.