للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في حَرَّان، وكَتَبَ إليهم سُلْطان [بن عليّ] (١) بن منقذ صاحب شَيزَر يعرِّفُهم أنَّ طنكري [قد] (١) نزل أرض شَيزَر، وشرع في بناء تل مُبَشِّر حِصنًا بمقابلة شَيزَر. فقطعوا الفرات، ونزلوا على تل باشر ينتظرون البُرْسُقي صاحب هَمَذَان، فوصل وهو مريضٌ، واختلفت آراؤهم، ومَرِضَ سُكْمان صاحب أرْمينية وخِلاط وديار بكر، وطَمِعَ أحمديل في بلاده، وراسله صاحِبُ الحِصن وهاداه، فَقَصَّر، فعادوا إلى حلب، وعاثوا في أعمالها، وفعلوا أقبحَ مِنْ فِعْلِ الفِرنج، وتوقعوا خروجَ رِضْوان إليهم وخدمتهم، فما التفت، وأغلق أبواب حلب، وأخذَ رهائن أهلِها إلى القلعة، واستعد للقتال. وقد كانوا لمَّا قطعوا الفُرَات كاتبوا [أتابك] (١) طُغْتِكِين [في دمشق] (١) بالوصول إليهم [ليدبروا الأمورَ] (١)، وكَتَبَ إليه السُّلْطان بمثل ذلك، فجمع [وحشد] (١) رجاله، ورجال حمص [وحماة] (١) وَرَفنِيَّة، وسار في جَمع كثيف طالبًا للجهاد.

فوصل إليهم على حلب، فَسُرُّوا بوصوله، وقويت نفوسهم، فلم يَرَ منهم عزيمةً صادقة في جهادٍ، ولا حماية بلاد. وأما سُكْمان القُطْبي، فإنَّه عاد إلى بلاده، وقد أشفى، ومات [في طريقه] (١) قبل وصوله إلى الفُرات. وأما البُرْسُقي فكان به نِقْرِسٌ، ويحمل في مِحَفَّة، ولا قول له ولا فِعْل.

[وأما أحمديل فإنَّ عزمه] قوي (٢) على العَوْد [لأجل بلاد سُكْمان، وطمعه في إقطاعها من السُّلْطان] (٣). فقال [أتابك] (١) طُغْتِكِين: ارحلوا إلى المَعَرَّة. فرحلوا على كُرْهٍ، فقال: انزلوا طَرابُلُس. فتوقفوا، ثم تسلَّلوا وتفرقوا أيدي سبأ، ولم يبقَ منهم سوى [شرف الدين] (١) مودود، وكان مصافيًا لأتابك؛ صديق صِدق، ونزلا طي العاصي، وكان الفرنج قد تفرقوا إلى مواضعهم، فلما تفرَّق المسلمون ورجعوا اتفق الإفرنج، وصاروا يدًا واحدة على الإِسلام، ونَزَلَ سُلطانُ بن عليّ بن مُنقِذ من شَيزَر إلى [أتابك] (١) طُغتِكين، ومودود، وخدمهما، وحمل إليهما.


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) في (ع) و (ب): وأحمديل فعزمه قوي، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٣) في (ع) و (ب): لطمعه في بلاد سكمان، وإقطاعها من السلطان، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).