للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل]: وفيها توفي

[أحمد بن موسى]

ابن العبَّاس بن مُجاهد، أبو بكر، المقرئ، البغدادي، الإمام العلّامة (١).

ولد في ربيع الآخر سنة خمسٍ وأربعين ومئتين، وكان إمام القُرَّاء في زمانه، وانفرد بالقراءات في عصره.

قال ثعلب: ما بقي أحدٌ في عصرنا أعلمَ بكتاب الله من ابن مُجاهد.

[وقرأ عليه خلقٌ كثير.

وحكى الخطيب عن النَّهْرَواني قال: صلَّيتُ خلف ابن مجاهد، ففتح الصَّلاةَ بالحمد، ثم سكت، ثم فعل ذلك ثانيًا وثالثًا، ثم قرأ، فلما سلَّم سألتُه عن ذلك؟ قال: لمَّا كبَّرتُ تكبيرةَ الإحرام انكشفَت الحجُبُ بيني وبين ربّي، واجتمع بين عَينَيَّ كلُّ حمدٍ لله تعالى في كتابه، فلم أدر بأيِّ حَمْدٍ أبتدئ، اكتُم عليَّ حتَّى أموت.] (٢)

وقال الأزهريّ [: سمعتُ عيسى بن علي بن عيسى الوزير يقول]: أنشدني (٣) ابن مُجاهد وقد جئتُه عائدًا في مرضه، وعنده جماعةٌ قد أطالوا القُعودَ: [من البسيط]

لا تُضجِرَنَّ مريضًا أنت عائدُه … إنَّ العيادَةَ يومٌ إثْرَ يومَينِ

بل سَلْه عن حالِه وادْعُ الإلهَ له … واقعُدْ بقَدْر فُواقٍ بين حَلْبَينِ

مَن زار غِبًّا أخًا دامت مَودَّتُه … وكان ذاك صلاحًا للخَليلينِ

وقال الخطيب: رأى أبو الفضل الزُّهري (٤) في منامه قائلًا يقول: قد مات الليلةَ مُقَوِّمُ وَحْي الله منذ خمسين سنة، فلمَّا أصبح قال: مَن مات الليلة؟ فقيل له: أبو بكر بن مجاهد.

[وقال الخطيب:] توفي ابن مجاهد يوم الأربعاء وقت العصر، وأُخرِج يوم الخميس لعشرٍ بقين من شعبان، ودُفن بمَقبرة باب البستان من الجانب الشَّرقي ببغداد، وهناك كان يسكن.


(١) أخبار الراضي ٨٤، تكملة الطبري ٣٠٠، تاريخ بغداد ٦/ ٣٥٣، المنتظم ١٣/ ٣٥٧، معجم الأدباء ٥/ ٦٥، الكامل ٨/ ٣٢٨، تاريخ الإسلام ٧/ ٤٨٧، معرفة القراء الكبار ٢/ ٥٣٣، السير ١٥/ ٢٧٢.
(٢) ما بين معكوفين من (ف م ١)، والخبر في تاريخ بغداد ٦/ ٣٥٤.
(٣) في (ف م ١): وحكى الخطيب عن الأزهري قال أنشدني، والخبر في تاريخ بغداد ٦/ ٣٥٤ وما بين معكوفين منه.
(٤) في (خ): الأزهري، وهو خطأ، والمثبت من (ف م ١)، والخبر في تاريخ بغداد ٦/ ٣٥٦، ومصادر ترجمته.