للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأَطْرَبَتْه معانيه فمال به … شوقٌ إليكم ظنَّنا أَنَّه شَغَفُ

وما لمِثْلِكُمُ عن مِثْلِ دَوْلتِهِ … ومِثْلُهُ في جميعِ الأرض يَنْصَرِفُ

وقال القاضي أبو عبد الله بن أبي جَرادة (١): [من البسيط]

ما ضَرَّهُمْ يوم جَدَّ البَيْنُ لو وَقَفُوا … وزَوَّدُوا كَلِفًا أودَى به كَلَفُ

أَسْتَوْدِعُ الله أحبابًا أَلِفْتُهُمُ … لكن على تَلَفي يوم النَّوى ائتَلَفُوا

الله يعلَمُ أَني مُغْرَمٌ بهمُ … وأنني عن هواهُمْ لستُ أَنْصَرِفُ

فهل تعودُ ليالي الوَصْلِ ثانيةً … ويصبحُ الشَّمْلُ فينا وهو مُؤْتَلِفُ (٢)

فعزم على العَوْد لمِصْر، فَقُتِلَ الصَّالح، وقال أسامة: [من الطويل]

أراني نهارُ الشَّيبِ قَصْدِي وطالما … تجاوزَ بي ليلُ الشَّبابِ سبيلي

وقد كان عُذْري أنْ أضلَّنيَ الدّجى … فهلْ ليَ عُذْرٌ والصَّباحُ دليلي

قال المصنِّف : وقد رأيتُ ولده العَضُد مُرْهَف (٣) في الدّيار المِصْرية سنة تسع وست مئة، وكان فاضلًا كَيِّسًا، لطيفًا ظريفًا، متواضعًا مفننًا، وكان يحضُرُ مجالسي بالقاهرة، ويزورني، ويُنْشدني مقطَّعاتٍ من الأشعار، منها: [من الطويل]

وما زالتِ الأيامُ تُوْعِدُني المُنَى … بلُقْياكَ حتى بَرَّحَتْ بي وعُوْدُها

فلمّا تلاقَينا افْتَرَقْنا فليتنا … بقينا على الحالِ التي لا نريدُها

مجاهد الدِّين خالص بن عبد الله (٤)

خادم الإمام الناصر، كان قريبًا منه، سَلَّم إليه مماليكه الخواص، وكان سليم الصّدْر، دَينًا، صلَّى به إمامٌ صلاة الفجر، فقرأ فيها: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: ٥٦] فرفع خالصٌ صوته في الصَّلاة، وقال: صَلَّى الله عليك يا


(١) كذا كنَّاه سبط ابن الجوزي هنا، والقرشي في "الجواهر المضية": ٢/ ٧٣، وهو أبو علي الحسن بن علي بن عبد الله بن أبي جرادة، وسلفت ترجمته في وفيات سنة (٥٥٥ هـ).
(٢) سلفت بعض هذه الأبيات في ترجمته في وفيات سنة (٥٥٥ هـ).
(٣) توفي مرهف سنة (٦١٣ هـ)، وستأتي ترجمته في وفياتها.
(٤) له ترجمة في "الكامل": ١٢/ ٢٦.