للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أجيرةَ القَلْبِ والفُسْطاطُ دارُهُمُ … لم تُصْقِبِ الدّارُ لكن أَصْقَبَ الكَلَفُ

فارقْتُكُمْ مُكْرَهًا والقلبُ يُخْبِرُني … أَنْ ليس لي عِوَضٌ منكُمْ ولا خَلَفُ

ولو تعوَّضْتُ بالدُّنيا غُبِنْتُ وهل … يُعَوضُني عن نفيسِ الجوهر الصَّدَفُ

ولستُ أُنكر ما يأتي الزمانُ به … كلُّ الورى لرزايا دَهْرِهمْ هَدَفُ

وما أَسِفْتُ لأمرٍ فات مَطْلَبُهُ … لكن لفُرْقة من فارَقْتُهُ الأَسَفُ (١)

فأمر الصّالح شعراء الدَّوْلة أن يوازنوا قصيدته، وقال: وأنا معكم، وكتب الصَّالح إليه -وهي للصَّالح: [من البسيط]

آدابُكَ الغُرُّ بحرٌ ما له طَرَفُ … في كلِّ سَمْعٍ بدا من حُسْنِهِ طُرَفُ

نقولُ لما أتانا ما بَعَثْتَ به … هذا كتابٌ أتى أم روضةٌ أُنُفُ

إذا ذكرناك مجدَ الدِّين عاوَدَنا … شوقٌ تجدَّدَ منه الوَجْدُ والأَسَفُ

يا مَنْ جفانا ولو قد شاءَ كان إلى … جَنابنا دونَ أهلِ الأرضِ يَنْعَطِفُ

فَمِلْ إلينا بآمالٍ محقَّقَةٍ … وكُفَّ غَرْبَ دموعٍ دَمْعُها يَكِفُ

كفى اغترابًا فعجِّلْ بالإيابِ لنا … فمنكَ لا عِوَضٌ نَلْقى ولا خَلَفُ (٢)

وقال مهذَّب الدِّين [الحسن بن] (٣) علي بن الزُّبير: [من البسيط]

أحبابَنا ما لنا عن بُعْدِكُمْ خَلَفُ … وإن يكن فطويلُ الحُزْنِ والأَسَفُ

ولو جَرَيتُمْ ولَمْع البَرْق في قَرَنٍ … لكان مَعْ شكْوكُمْ مَعْ سَيفه يَقِفُ (٤)

يا لائمينا على أَنْ لا نراسلهم … ما الوَجْدُ مما أطاقَتْ حَمْلَه الصُّحُفُ

وزادني ثقةً عِلْمي بعِلْمِكُمُ … أن المحبَّةَ أضعافُ الذي أَصِفُ

حَبَوْتُمونا بدُرٍّ من قَرِيضِكُمُ … صدورُنا حيثُ ترويها له صَدَفُ

فاهتزَّ عِطْفُ مليكِ النَّاس كلِّهمُ … لها وأيُّ كريمٍ ليس يَنْعَطِفُ


(١) "ديوان أسامة": ٨٥.
(٢) "ديوان أسامة": ١٨١ - ١٨٣.
(٣) ما بين حاصرتين من ترجمته في "خريدة القصر"، قسم شعراء مصر: ١/ ٢٠٤، وانظر "الروضتين": ٢/ ٢٥.
(٤) كذا في (ح)، ولم يتبين لي معناه.