للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الرابعة والتسعون]

وفيها كان بالشام زلازل هائلة، ذكر محمد بن موسى الخُوارزمي أن في هذه السنة لعشرين من آذار دامت الزلازل في الدنيا أربعين يومًا، فهدمت الأبنية الشاهقة، ووقع معظم أنطاكية.

وفيها غزا عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك بن مروان أرض الروم، فأوغل فيها ووصل إلى غزالة، وفتح العباس بن الوليد أنطاكية.

وفيها هرب يزيد بن المهلب وإخوته من حبس الحجاج إلى الشام (١).

وكان الحجاج قد حبس يزيد وإخوته، وعَذَّبهم وضيّق عليهم، وأخذ منهم ستة آلاف ألف درهم واستصفاهم، وكان يزيد يصبر على العذاب صبرًا جميلًا، وكان الحجاج يغيظه ذلك، فأمر به يومًا أن يُجعل الدَّهَق (٢) على ساقه، فلما وضعوه على ساقه صاح، وكانت هند بنت المُهَلَّب تحت الحجاج، فصاحت وناحت وبكت على أخيها، فطلقها الحجاج، ثم كفَّ عن عذابه.

وكانت الأكراد قد غلبوا على أرض فارس وعاثوا، فخرج الحجاج فنزل رُسْتَقُباذ، وصحب معه يزيد وإخوته، واحتاط عليهم، وحفر حولهم الخنادق، وأقام الحرس، وضرب عليهم فُسطاطًا، وهم يعملون في الخلاص لنفوسهم، فبعثوا إلى مروان بن المهلّب -وكان بالبصرة - أن يهيِّئ لهم سُفنًا وخَيلًا ورجالًا ففعل، وواعدوه ليلةً بعينها، فلما كان في تلك الليلة أمر يزيد أن يصنع للحرس طعام كثير، فأكلوا وشربوا، وكان في حبس الحجاج منهم يزيد والمفضل وعبد الملك.


(١) ذكر الطبري ٦/ ٤٤٨، وابن الجوزي في "المنتظم" ٦/ ٢٩٥ - ٢٩٦ أن ذلك كان في سنة تسعين. والخبر بطوله ليس في (ص).
(٢) خشبتان تُشَدّان على الساق.