للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبا بكرٍ بعد النبوة في الإنفاق عشرَ سنين؛ لأنها تُوفِّيت في السنة العاشرة من النُّبوَّة.

ولا يُقال. أنفقتْ خديجةُ لشائبةِ هواها؛ لأنها إنما تزوجت رسول اللَّه ﷺ لما أخبرها غلامها ميسرةُ بحديث بَحيرى الرّاهب، وتظليلِ الغمامة لرسولِ اللَّه ﷺ، ونحوِ ذلك، فتزوَّجته لذلك المعنى، والدليلُ عليه أنها أوّلُ مَن أسلم وصدَّق بنُبوَّته وآمن برسالته، وقد ذكرناه (١).

وقد ذكرنا أن النبيَّ ﷺ لمّا حثَّ على الصدقة في غزاة تبوك، جاء أبو بكرٍ بكلِّ ماله، وجاء عمر بنصف ماله، فقال رسول اللَّه ﷺ لأبي بكر: ما أبقيتَ لعيالك؟ قال: اللَّه ورسوله، وقال لعمر: ما أبقيت لعيالك؟ قال: مثلَ ما جئتُ به، وكان عمرُ قد قال: لأُسابقنَّ اليوم أبا بكرٍ، فلما جاء بالكلِّ قال عمر: واللَّه لا أُسابقُك إلى شيءٍ أبدًا (٢).

وأما ما أعتق أبو بكرٍ، فقال هشام: أعتق سبعةً ممن كان يعذبُ في اللَّه تعالى: أعتق بلالًا وعامر بن فُهيرة وزِنيرة والنَّهْدية وابنتها وجارية بني عمرو وأم عُمَيْسٍ أو عُبَيْس (٣).

وقال هشام بن الكلبي، عن أبيه قال: قال أبو قُحافة لابنه أبي بكرٍ: يا بُنيّ، أَراك تعتق رقابًا ضعافًا، فلو أنك تُعتِق رجالًا جُلدًا يمنعونك ويقومون دونك، فأنزل اللَّه ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥)(٤) الآية [الليل: ٥].

وقد ذكرنا أنه اشترى بلالًا فيما تقدَّم، وقول المشركين: غُبِنْتَ: فقال: المغبونُ من كل ثمنَ بلالٍ (٥).

فصل في ذكر ما نزل فيه من الآيات: قال ابن عباس: عاتب اللَّه أهل الأرض بقوله: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ﴾ الآية [التوبة: ٤٠]، إلَّا أبا بكرٍ ﵁، فإنه أثنى


(١) سلف في السيرة.
(٢) سلف في غزاة تبوك في الجزء الرابع، وأخرجه أبو داود (١٦٧٨)، والترمذي (٣٦٧٥)، وابن الجوزي في المنتظم ٤/ ٥٧ - ٥٨ عن عمر بن الخطاب ﵁.
(٣) سيرة ابن هشام ١/ ٣١٨ - ٣١٩، وتاريخ دمشق ٣٥/ ١٥٧ - ١٥٨.
(٤) سيرة ابن هشام ١/ ٣١٩، وتفسير الطبري ٢٤/ ٤٧٩ (هجر)، وأسباب النزول للواحدي ٤٨٧، وتاريخ دمشق ٣٥/ ١٦٠.
(٥) سلف في قسم السيرة.