للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأَخرجتها.

وقال: رأت جوهرةُ في منامها خيامًا مضروبة، فقالت: لمن ضُربت هذه الخيام؟

فقيل: للمتهجِّدين بالقرآن. فكانت بعد ذلك لا تنام اللَّيل.

وقال: قالت لي جوهرة: يا أبا عبدِ الله، أَيُحلَّين نساءُ الجنَّة في الجنة؟ [قلت: نعم] (١) فصاحت ووقعت مغشيةً عليها، فلمَّا أفاقت قلتُ: ما أصابك؟ قالت: ذكرتُ حالي تلك وما قد كنت نلتُ، من الدنيا، فخشيت واللهِ حرمانَ الآخرة.

طُرَيح بن إسماعيل

ابن عُبيد بن عِلَاج (٢)، أبو الصَّلت الثَّقفي، شاعرٌ مجيد مُكثِر، أَدرك الدولتين، وكان المنصورُ مغرًى بقصيدته الداليةِ التي أوَّلها: [من المنسرح]

أَقفر مِمَّن يَحلُّه السَّنَدُ … فالمنحنى فالعقيقُ فالجَنَدُ (٣)

لم يبقَ فيها من المعارف بعـ … ـدَ الحيِّ إلَّا الرمادُ والوَتِدُ

وعَرْصةٌ نكَّرت معارفَها الر … ريحُ بها مسجدٌ ومُنتضَد

لم أَنس سلمى ولا ليالينا … بالحَزْن إذ عيشنا به رَغَد

قد كنتُ أبكي من الفِراق وحَيـ … ـيانا جميعٌ ودارُنا صَدَد

فكيف صبري وقد تجاورَ (٤) بالـ … ـفُرقة فيها الغرابُ والصُّرَد

إذ نحن في مَيعة الشبابِ وإذ … أيامُنا منك غضَّةٌ جُدُد

أنت إمامُ الهدى [الذي] (٥) أَصلح اللَّـ … ـهُ به الناسَ بعدما فسدوا

لَمَّا أتى الناسَ أنَّ مُلكَهمُ … إليك قد صار أمرُه سجدوا


(١) ما بين حاصرتين من صفة الصفوة ٢/ ٥٢١.

(٢) في المصادر: ابن أسيد بن علاج. انظر الأغاني ٤/ ٣٠٢، ومعجم الأدباء ١٢/ ٢٢، والأعلام. وفي تاريخ دمشق ٨/ ٥٠٦ (مخطوط): طريح بن إسماعيل بن سعيد بن عبيد بن أسيد بن عمرو بن علاج. وفيه أيضًا ٨/ ٥٠٧: بقي إلى أول الدولة العباسية ومدح السفاح والمنصور. وفي معجم الأدباء: مات في أيام المهدي سنة خمس وستين ومئة. فإيراد ترجمته هنا وهم. وانظر رغبة الآمل ٦/ ١٠٤، والأعلام.
(٣) في الأغاني ٤/ ٣٢١: فالجمد، وفي تاريخ دمشق ٨/ ٥٠٩: ما يحمد. وانظر معجم البلدان (جمد) (جند).
(٤) في الأغاني وتاريخ دمشق: تجاوب.
(٥) ما بين حاصرتين من الأغاني.