للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قدم بغداد وحدَّث بها، وكان يحضرُ مجلسَه خلقٌ كثيرٌ لا يُحصَون.

وقال محمد بن سويد الطحَّان: كنَّا عند عاصم، ومعنا القاسمُ بن سَلّام وإبراهيم بن أبي الليث، والإمامُ أحمد بن حنبل يُضرَبُ في ذلك اليوم، فجعل عاصمٌ يقول: [ألا رجلٌ يقوم معي فنأتي هذا الرجل فنكلِّمه؟ قال: فما يجيبه أحدٌ، قال: فقال إبراهيم بن أبي الليث:] (١) يا أبا الحسين، أنا أقومُ معك، فصاح عاصم: يا غلام خُفِّي، فقال إبراهيم: امهل حتى أبلُغَ إلى بناتي فأوصيهنَّ، فظننَّا أنَّه ذهبَ يتحنَّط ويتكفَّن، ثم جاء فقال عاصم: يا غلام خُفِّي، فقال له إبراهيم: يا أبا الحسين إني ذهبت إلى بناتي فبكين. قال الخطيب: وجاء كتابُ ابنتَي عاصم من واسط إليه يقولان: يا أبانا بَلَغنا أنَّ هذا الرجل أَخذ أحمدَ بن حنبل وضربَه بالسياط على أن يقول: القرآن مخلوق، فاتَّقِ الله في نفسك، ولا تجبه إن سألك، فوالله لأن يأتينا نعيُك أحبُّ إلينا من أن يأتينا أنَّك أجبتَه إلى ذلك.

توفي عاصم بواسط يوم الاثنين منتصف رجب، وصلَّى عليه المُطَّلبُ بن فَهْم.

روى عاصم عن شعبة وغيره، وروى عنه الإمام أحمد رحمة الله عليه والبخاريُّ في "صحيحه" وغيرهما، وكان ثقةً صدوقًا، وقال ابنُ معين: عاصمٌ سيِّد المسلمين (٢)، ورُويَ أنَّه ضعَّفه؛ لأنَّه كان يحدِّثُ من حفظه، فوقعَ الخطأ في حديثه (٣).

[وفيها توفي]

محمود بن الحسن الورَّاق

كان نخَّاسًا يبيع الجواري والغلمان، وكان شاعرًا فصيحًا، [وأكثر شعره في الزهد والأدب والمعاني اللطيفة، ورَوى ابن أبي الدنيا مقطَّعاتٍ من شعره، فقال الخطيب بإسناده إلى أحمد بن جعفر الجَوْزيّ (٤) قال: قال: أبو بكر بن أبي الدنيا (٥): أنشد


(١) ما بين حاصرتين من تاريخ بغداد ١٤/ ١٧٢.
(٢) في (خ) و (ف): سيد المرسلين، وهو تحريف قبيح.
(٣) انظر ترجمته في طبقات ابن سعد ٩/ ٣١٨، وتاريخ بغداد ١٤/ ١٧٠، وتهذيب الكمال ١٣/ ٥٠٨، وسير أعلام النبلاء ٩/ ٢٦٢، وتاريخ الإسلام ٥/ ٥٩٠. ولم ترد ترجمته في (ب).
(٤) كذا في (ب) وتمام اسمه: أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي. انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٥/ ٣٩٧، وانظر توضيح المشتبه ٢/ ٥٢١.
(٥) في الحلم (٢٧).