للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر ابن سعد بمعناه بإسناده عن محاربِ بن دِثار قال: قيل لخالد بن الوليد: إنَّ في عسكرك مَن يشربُ الخمَر، فركب دابَّته وجال في العسكرِ، فلقي رجلًا على مَنْسِج فَرَسِه زقُّ خمرٍ، فقال: ما هذا؟ قال: خَلٌّ، فقال خالد: اللهمَّ اجْعَلْهُ كذلك، قال: فجاء الرجلُ إلى أصحابه فقال: قد أتيُتكم بخمرٍ ما شرِبتِ العربُ مثله، فلما فتحوه وإذا به خَلٌّ، فقالوا: ما جئتَنا إلّا بخَلٍّ، فقال: هذه دعوةُ خالد (١).

وخالد سيفٌ من سيوف اللَّه، ذو الفضائل الكثيرة، والمناقب الجميلة، ميمون النَّقيبة، فلّ اللَّه به أهلَ الرّدّة، وفتح الفتوح، ونَصر به الدّين، وكان من أشراف قريش في الجاهلية، كانت إليه القُبَّة والأَعِنَّة، أما القُبَّة فقبة كانوا يَنْصبونها إذا أرادوا الحرب، يُديرون فيها أمرَ حربهم، وأما الأَعِنَّة فأعنة الخيل يكون على خيلهم.

ولم يزل منذ أسلم يُوَلّيه رسول اللَّه أَعِنَّة الخَيل، فيكون في مُقَدّمتها في نحر العدوّ، وولّاه أبو بكر رضوان اللَّه عليه قتال أهل الردّة، وحربَ أهل العراق، فيقال: إنه لَقي ثلاثين زَحْفًا، وفتح الحِيرةَ والأنبار وعيْن التَّمْرِ وأماكن كثيرة، ثم بعثه أبو بكر رضوان اللَّه عليه إلى الشام، وأمَّره على جميع مَن به من المسلمين، وكان مُجابَ الدَّعوة (٢).

وقال الزبير بن بكار: كان خالد في مقدمة رسول اللَّه بعدما هُزِمَت هوازن، فجُرحَ في رِجْله، فنفث على جُرحه فبرئ.

ذِكْرُ وفاته: قال ابن سعدٍ بإسناده أن خالد بن الوليد لما احتُضِرَ بكى وقال: لقد لقيتُ كذا وكذا زَحْفًا، وما في جَسَدي شِبْرٌ إلّا وفيه ضَرْبةٌ بسيفٍ، أو رَمْيةٌ بسهمٍ، أو طعنةٌ برمحٍ، وها أنا أموتُ على فِراشي حَتْفَ أنفي كما يَموت العَيْرُ، فلا نامت أعينُ الجُبناء.

فحكى من غسَّله أنَّه ما كان في جسمهِ موضعٌ صحيح ما بين ضربةٍ بسيفٍ، أو طعنة برُمحٍ، أو رمية بسهم.


(١) طبقات ابن سعد ٥/ ٤٠ - ٤١، ومن قوله: وذكر ابن أبي الدنيا. . . إلى هنا ليس في (أ) و (خ).
(٢) من قوله: وخالد سيف من سيوف اللَّه. . . إلى هنا ليس في (ك).