للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا طائرًا عَذَباتُ البانِ مسكَنُهُ … أيقظْتَ للدَّمْعِ جَفْنًا عنه لم يَنَمِ

غَرِّدْ بألحانك المُسْتَعْجِمات فما … أبقيتَ جارحةً إلَّا على أَلَمِ

لِيَهْنِكَ الإِلْفُ والعيش الرَّغيد وإنْ … كان الذي سَرَّ أو ما ساء كالحُلُم

تحية من مَشُوق طال موقفهُ … على الثَّويَّةِ (١) بالوَخَّادة الرُّسُمِ (٢)

يَحِنُّ شوقًا إلى أرض الحجاز ومِنْ … دونِ الذي رامَ شعبٌ غير مُلْتَئِمِ

فقِفْ بحيث أفاض المُحْرمون على … عارٍ من [الثوب] (٣) مكْسُوٍّ من السَّقَمِ

في كل وقت له [وجْدٌ] (٤) يُقَلْقِلهُ … حتى يُظَنَّ به طَيفٌ من اللَّمَمِ

من أبيات (٥).

يحيى بن سعيد [الطبيب] (٦) النَّصراني البغدادي (٧)

أوحد زمانه في معرفة الطِّبِّ، والأدب، وله ستون مقامة ضاهى بها مقامات الحريري، وله شِعْرٌ رائق، فمنه في الشيب يقول: [من الخفيف]

نَفَرَتْ هندُ من طلائعِ شَيبي … واعترتها سآمةٌ من وجوم

هكذا عادةُ الشَّياطين يَنْفِرْ … نَ إذا ما بَدَتْ رجومُ النُّجومِ (٨)

وقال: [من الكامل]

قَسَمًا بسكَّانِ العقيقِ وحاجرٍ … مُذْ غِبْتَ ما لاذ الرُّقاد بناظري

وإذا أَلَمَّ فما يُلِمُّ بمُقْلتي … إلا طماعيةً بطيفٍ زائر


(١) الثوية: موضع قريب من الكوفة، وقيل: بالكوفة. "معجم البلدان": ٢/ ٨٧.
(٢) الوخادة: الإبل التي تخد؛ أي تسرع وتوسع الخطو. "اللسان" (وخد). والرسم جمع رسوم، وهي الناقة تؤثر في الأرض من شدة الوطء. "اللسان" (رسم).
(٣) في (ع) و (ح): السقم، والمثبت ما بين حاصرتين من "الخريدة".
(٤) في (ع) و (ح): طيف، والمثبت ما بين حاصرتين من "الخريدة".
(٥) القصيدة في "خريدة القصر" ٣/ ٣٧٠ - ٣٧٢.
(٦) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٧) له ترجمة في "خريدة القصر" قسم شعراء العراق: ٤/ ٦٩٥ - ٧٠١، و"أخبار الحكماء" للقفطي: ٢٣٦، و"معجم الأدباء": ٢٠/ ٤٠، و"النجوم الزاهرة": ٥/ ٣٦٤، و"البداية والنهاية" (وفيات ٥٨٩ هـ)، و"شذرات الذهب": ٤/ ١٨٥.
(٨) البيتان في "الخريدة": ٤/ ٦٩٦.