للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو أحمد: ما علمنا أنك أُكرهت، وقد بايعنا هذا الرجل، فتريدُ أن نطلِّقَ نساءَنا، ونخرجَ من أموالنا، ولا ندري ما يكون! فتراني على أمري حتَّى تجتمع الناس، وإلَّا فهذا السيف، فقال المعتز: دعوه على حاله، ورُدُّوه إلى منزله، فردُّوه من غير بيعة (١).

وكانت هذه البيعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من المحرم (٢)، واستوزرَ المعتزُّ جعفر بن محمد بن محمود (٣) الإسكافي، وجعل سعيدَ بن صالح على الشرطة، وجعفرَ بن دينار على الحرس.

وأقامَ المستعين ببغداد لا أمرَ له، والأمرُ لبغا ووصيف فقال شاعر: [من مجزوء الكامل]

خليفةٌ فِي قفص … بين وَصِيف وبُغَا

يقول ما قالا له … كما تقول الببغَا (٤)

ولمَّا اتصلَ بمحمد بن عبد الله بن طاهر [خبر] البيعة للمعتز قطعَ الميرةَ عن سامرَّاء، وكتبَ إلى مالك بن طوق وهو بالرحبة بالقدوم بأهله ومن معه إلى بغداد، وكتب إلى سليمان بن عمران المَوْصلي يمنع الميرةَ من الموصل إلى سرَّ من رأى، وأمر المستعين محمد بن طاهر بتحصين بغداد، فأدير عليها السور من الشماسية إلى سوق الثلاثاء، وحفر عليها الخنادق، وسلَّم كل بابٍ إلى قائد، فبلغت النفقة على ذلك ثلاثَ مئة ألف دينار وثلاثينَ ألف دينار، ونصبَ عليها المجانيق والعرَّادات، واستعدَّ للحصار.

ثمَّ جرت المكاتباتُ والمراسلات بين المعتزّ وابن طاهر يدعوه إلى الدخول فيما دخلَ فيه الجماعة، ويذكر له خلعَ المستعين، وما أخذَ عليه المتوكل من العهود بأنَّ المعتزَّ هو الخليفة من بعد المنتصر، فما أجابه ابن طاهر، وكتبَ ابن طاهر إلى الأتراك


(١) تاريخ الطبري ٩/ ٢٨٦، والمنتظم ١٢/ ٤٣، والكامل ٧/ ١٤٣.
(٢) انظر تاريخ بغداد ٢/ ٤٨٩.
(٣) كذا فِي (خ) و (ف). وفي تاريخ الطبري ٩/ ٢٨٧، ٣٨٨، وتاريخ الإسلام ٦/ ٣٠٧، والوافي بالوفيات ١١/ ١٥٢: جعفر بن محمود. وفي مروج الذهب ٧/ ٣٧٩: جعفر بن محمد.
(٤) مروج الذهب ٧/ ٣٢٥.