للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الهيثم: دسَّ أبو جعفر كتابًا إلى عبد الله بن حسن مع عُقْبة بن سَلْم (١) الأَزدِيّ، وبعث معه ألطافًا وهدايا على لسان بعض الشيعة، فلما قدم على عبد الله أخبره فزَبَره، ثم عاد فزبره مرارًا، فلما أَنِس به أخذ ذلك منه وقال: اذهب فأخبرهم أن ابني خارجٌ في وقت كذا وكذا، فعاد إلى أبي جعفر فأخبره.

وكان محمَّد وإبراهيم ينتقلان في المياه والأمصار خوفًا من أبي جعفر، تارةً في تِهامة، وتارة في اليمن واسثعام والعراق ومصر، ثم في البصرة والهند والسِّند والمغرب، فلما حج في هذه السنة أبو جعفر قَسم قسمًا في بني هاشم خصَّهم بذلك، وقال لعبد الله: أين ابناك؟ فقال: لا أعلم بهما، فقام ابن سَلْم فتراءى له، فلما رآه وَجَم، فقال أبو جعفر لعبد الله: كذبت يَا ماصّ، فقال: يَا أَبا جعفر، بأيِّ أُمَّهاتي تُمِصّني؟! بخديجة بنت خُوَيلد، أم بفاطمة بنت رسول الله ، أم بفاطمة بنت الحسين؟ فقال ولا بواحدة منهن، ولكن بالجَرْباء بنت قَسامة بن زهير، فقام المُسَيَّب بن زهير فقال: دَعْني أضربْ عُنق ابن الفاعلة، فقام زياد بن عبيد الله فألقى عليه رداءه وقال: هَبْه لي يَا أمير المُؤْمنين وأنا أستخرج ابنيه.

وفي رواية: أن أَبا جعفر جاءه كتاب بعض ثقاته يخبره أن رسول عبد الله وابنيه خرج إلى خراسان ومعه الكتب يستدعيهم إلى الخروج معه، وبعث بالرسول والكتب إلى أبي جعفر، فبعث أبو جعفر بالرسول والكتب على حالها بطوابعها إلى عبد الله وقال:

إنِّي أُتيتُ برسولك وهذه الكتب معه، وقد رددتُها بحالها إليك كراهيةَ أن أطَّلع على ما يُغيِّر قلبي عليك، فلا تَدْعُ إلى التَّقاطع بعد التواصل، وإلى الفُرقة بعد الاجتماع، وأظهر إليَّ ابنَيك؛ فإنهما يصيران إلى ما تُحبُّ من الولاية وتعظيم المنزلة، فكتب إليه عبد الله يَتنصَّل من ذلك، ويُنكره ويقول: فعل ذلك عدوٌّ يريد الفُرقة بعد الاجتماع.

فبينا أبو جعفر كذلك وَرد عليه كتابُ بعض ثقاته يخبره: أن الرسول بعينه خرج بالكتب بعينها إلى خراسان، وأنه نازل بالبصرة على فُلان المُهَلَّبي، فبعث أبو جعفر فحبس الرسول، وأخذ الكتب وبعث بها إلى خراسان مع بعض ثقاته، وعادت الأجوبة


(١) في النسختين: علقمة، وهو خطأ، انظر تاريخ الطبري ٧/ ٥١٩، وأنساب الأشراف ٢/ ٤١٢، والمنتظم ٨/ ٤٥، وتاريخ الإِسلام ٣/ ٧٧٧.