للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالت زوجته ربيعة خاتون: كان ثوبه يساوي خمسة دراهم من خام، فقلت له: لو لبست ألين مِنْ هذا، فإن بدنك ما يحتمل الخشن. فقال: أيما أصلح وأكثر أجرًا أنني ألبس ثوبًا بعشرة دراهم أو ألبس ثوبًا بخمسة دراهم، وأتصدق بخمسة على فقير أو مسكين.

وكانت أمواله قد استنفدتها الصدقات، فكان يرسل الجواهر فيبيعها بدمشق ويشتري الأسارى، وحُكي لي بإربل أنه ينفق على المولد في كلِّ سنة ثلاث مئة ألف دينار، وعلى الخانكات مئتي ألف، وعلى دار المضيف مئة ألف، وعلى الأسارى مئتي ألف دينار، وفي الحرمين وعرفات والسَّبيل ثلاثين ألف دينار، غير صدقة السِّرِّ.

[قلت: (١)] ومع هذه المناقب فما سَلِمَ من ألسنة الناس.

[(٢) ويقولون: هذا يصادر ديوانه ودواوينه وكتابه، ويستأصلهم، ولعله اطلع منهم على خيانات، فرأى أخذ الأموال وإنفاقها في أبواب البر والقربات أولى، وذكروا أشياء أُخر، ومن ذا من ألسنة الناس يسلم، اللهم غفرًا].

وكانت وفاته في رمضان بقلعة إربل، وأوصى أن يحمل إلى مكة، فيدفن في حرم الله تعالى، وقال: أستجير به، فحمل في تابوته إلى الكوفة، ولم يتفق رواح الحاج في هذه السنة إلى مكة، فدفن عند أمير المؤمنين علي .

وكان أيوب بن الكامل في آمد، وإسماعيل بن العادل في سنجار، فسار كلُّ واحدٍ منهما إلى إربل ليأخذها لنفسه، [وجرى ما لا يليق بين الاثنين (١)]، فسبقهما عسكر الخليفة، فتسلمها، ورجعا بخفي حنين، وكانت قد عصت، وبالقلعة خادمان، ففتحت عَنْوةً، وجرى بها ما لا يجوز من النَّهْب والقَتْل، [والذل والهوان] (١).


(١) ما بين حاصرتين من (ش).
(٢) في (ح): كانوا ينبزونه بأشياء منها أنه كان يصادر دواوينه وكتابه، ويستأصلهم، وذكروا أشياء أخر، والله أعلم .. ، وما بين حاصرتين من (ش).