وكتم السائبُ السَّفَطين عن حُذيفة وعن المسلمين، وسار بالأخماسِ إلى المدينةِ، قال: فلقيتُ عمر فقال: ما الخبرُ؟ فقلتُ: استُشهِدَ النعمان، فبكى حتى اختلج صُدْغاه، وقلتُ: فتح اللَّه نهاوَنْد، وقُتِل من العدوِّ مئةُ أَلْفٍ، ودفعتُ إليه الأخماسَ، ثم خلوتُ به فكشفتُ عن السفطين، فلما رآهما تَحيَّر -ويقال: إن قيمتهما أربعُ مئة ألف ألف دينار- فقال: اختُم عليهما، وأدخِلْهما بيتَ المالِ حتى أنظرَ في أمرِهما، قال: ففعلتُ، فقال: الحَق بجُنْدكَ، فخرجتُ، فبَعثَ في إثري رسولًا، فقال: ما نمتُ البارحةَ؛ ما زال السفطانِ يشتعلانِ نارًا، والملائكةُ تَسحبُني إليهما يقولون: لنكوينَّك بهما، فخُذهما عني فاقسِمْهما بين المسلمين، فأخذتُهما ورجعتُ فقسمتُهما بين المسلمين.
وفي روايةٍ: إن الذي جاء بالسَّفَطَيْنِ الهِرْبِذُ، وقال: هُما عندي وَديعةٌ، فاتفق حُذيفةُ مع المسلمين أن يخبر بهما عمرَ، فبعثوا بهما إليه، فردَّهما إلى حُذيفة وقال: اقسمهما على مَنْ أفاءَ اللَّه عليه.
وفي رواية أبي الفضل بن ناصر: أن دِهقانًا أتى إلى السائبِ بن الأقرعِ، وقال له: هل لك أن تُؤمنني على دَمي ودمِ ذوي قَرابتي وأدلّك على كنز النَّخيرجان نائب كِسرى؟ قال: وما هو؟ قال: إنه كان للنَّخيرجان امرأةٌ يَنتابُها العالَمُ، وإنَّ كسرى كان يَختلفُ إليها ومعه وصائفُ عليهن الحليُّ والديباجُ، وكان لكسرى تاجٌ من الياقوتِ، وهو مدفون في مكانٍ لم يعلم به غيري، وأنَّ السائبَ أخرج السفطَيْن، وذهب بهما إلى عمر، وذكر بمعنى ما تقدَّم.
وفي هذه الرواية: فدعا عمرُ عليًّا وابن مسعودِ وعبد اللَّه بنَ أرقَم صاحب الخِزانة وقال: ضعوا خَوَاتِيْمَكُمْ عليهما حتى أنظرَ فيهما، ثم دفعهما بعد إلى السائب، فقسمهما في جامعِ الكوفةِ.
وقال سيف بن عمر: حدثنا عمر بن محمد، عن الشعبيّ (١) قال: لما قُدِم بغنائم
(١) من قوله: وفي رواية إن الذي جاء بالسفطين الهربذ. . . إلى هنا ليس في (أ) و (خ).