للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

للحارثِ الأكبر والحارث الـ … أصغر والأعرجِ خيرِ الأَنامْ

ثم لهِندٍ ولهِندٍ فقد … أسرع في الخيرات منه إمامْ

خمسةُ آباءٍ همُ ما همُ … همْ خيرُ مَن يشربُ صَوبَ الغمامْ (١)

ولم يزل النابغة مقيمًا عند عمرو بن الحارث الغساني حتى مات عمرو، وولي أخوه النعمان بن الحارث، فاستعطفه النعمان بن المنذر، فعاد إليه.

قال عمر بن الخطاب يومًا: مَن القائل: [من الطويل]

حلفتُ فلم أترُكْ لنفسِكَ رِيبةً … وليس وراءَ الله للمرء مَذْهَبُ

ولستَ بمُسْتَبْقٍ أخًا لا تَلُمُّه … على شَعَثٍ أيُّ الرجالِ المُهذَّبُ (٢)

قالوا: النابغة. فقال: فمن الذي يقول: [من البسيط]

إلا سليمانَ إذْ قال المليكُ له … قُمْ في البَرِيَّة فازْجُرها عن الفَنَدِ (٣)

قالوا: النابغة. قال: فمن القائل: [من الوافر]

فلستُ بذاخرٍ لغدٍ طعامًا. . . حِذارَ غدٍ لكلّ غدٍ طعام (٤)

قالوا: النابغة. فقال: هو أشعر شعرائكم وأعلمُ الناس (٥).

استأذن النابغة يومًا على النعمان، فقال الحاجب: هو على شرابه. قال: فإنه وقت الملَق، فإن تَبلّج فَلَقُ المَجْدِ عن غُرَر مواهبه، فأنت قسيمُ ما أَفدتُ. فقال الحاجب: كيف أرغبُ فيما قصدتَ ووصفتَ، ودون ذلك رَهبةُ التعدِّي؟ وكيف السبيل؟ قال: فمن عنده؟ قال: خالدُ بن جعفر الكلابيُّ نديمُه. قال: فهل لك أن تُؤدّي إلى خالدٍ ما أقول؟ قال: قُل. قال: قل له: يقول لك النابغةُ: عظيمُ قَدْرك يفي بمأمول الدَّرك منك، وأنا من الشّكر مَنْ قد علمت، فدخل الحاجب، فقام خالد يقضي حاجتَه، فبلّغه الحاجب ما قال النابغة. فلما عاد خالد إلى المجلس، قال للنّعمان:


(١) ديوانه ص ١١٧، والأغاني ١١/ ١٩ - ٢٠.
(٢) ديوانه ص ١٧.
(٣) ديوانه ص ٣٣.
(٤) ديوانه ص ١١٦.
(٥) انظر الأغاني ١١/ ٤ - ٥، و"طبقات فحول الشعراء" ص ٥٦، والعقد الفريد ٥/ ٢٧٠.